وهؤلاء هم رصيدك
سيادة الرئيس
بقلم /هبه عبد
العزيز
(فأما الزبد فيذهب
جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض) صدق الله العظيم. أردت أن أستهل مقالى هذا
بالمعنى المراد من الآيه الكريمة, ردا على من أطلقوا ألسنتهم باللغو فمرة بالسخرية
ومرة آخرى بالسباب, تجاه مبادرة (صبح على مصر), والتى أطلقها الرئيس أثناء خطابه بإطلاق
إستراتيجية مصر 2030 قائلا :(لو أن 10 ملايين
مصرى ممن يمتلكون موبيلات صبح على مصر بجنية واحد, يعنى فى الشهر 300 مليون, وفى السنة
4 مليارات جنية).
ومن المعلوم أن
هذه المبادرة قد جمعت ما يقرب من 2.5 مليون جنية فى أول 24 ساعة من إطلاقها, جمعتهم
من بسطاء المصريون الطيبون المحترمون, حيث إستجاب الرصيد الشعبى الحقيقى للقيادة, وصبح
على الوطن من عرقه ومن كفاحه... ونحن ندرك جميعا كم للجنية الواحد من ضرورة للحياة
اليومية للغالبية العظمى من الشعب, والذى يتجاوز فقرائه نسبة ال 50%.
فمصر طوال عمرها
عزيزة النفس, وهى الكريمة أيضا بأبنائها الشرفاء الذين سارعوا وتبرعوا, لما إستشعروه
بحسهم الوطنى والتاريخى من مدى إخلاص وصدق حديث الرئيس , وحجم الأخطار التى تهدد دولتهم,
تلك الدولة التى حافظوا على تماسك وحدتها أراضيها وأبنائها، يدا واحدة شعبا وقيادة,
حتى فشلت حجافل مخططات الإرهاب الخارجية والداخلية فى النيل منها وهدمها.
وبالعودة قليلا
للوراء نجد أن أجداد هؤلاء الوطنيون هم أيضا
من سلح الجيش بالسلاح الروسى عام 1954 م, فيما سمى ب(أسبوع التسليح) وتحدوا أمريكا
فى تسليح الجيش المصرى آنذاك , بتبرعاتهم من نقودهم وحلى نسائهم. كما فعلوا كذلك في
1967 م بعد النكسة فى حملة ( دعم المجهود الحربى). وتكرر الأمر بالإستجابة لنداء القيادة
ودعم الوطن فى تمويل (مشروع قناة السويس الجديدة), والذى جمع ما يقرب من 60 مليار جنية
فى أسبوع تقريبا. وصولا بدعم صندوق (تحيا مصر) والذى جمع حوالى 4 مليارات جنية, منها
مليار من القوات المسلحة.
فهذا هو شعبنا
العظيم, شعب التحديات الذى تغلب على كم هائل من الصعاب والأزمات ( الإقتصادية والسياسية
على حد سواء )على مر تاريخه الطويل, وهذا السواد الأعظم من الشعب الفقير صاحب المعدن
الأصيل هو رصيدك الحقيقى سيادة الرئيس. ولن أتحدث كثيرا عن أثرياء الوطن وعن رجال أعمال
يمتلكون ثروات تقدر بالمليارت... فلن يجدى ذكرهم
.. كما لن أتسآل أيضا :أين هى الرأسمالية الوطنية!؟وأين هو دورها الأن!؟
فالبرغم من كل
المآسى والآلام التى تنهك كاهل المواطن المصرى البسيط, والذى يعيش يومه مذلة بالنهار
وهم بالليل, منذ الصبيحة وحتى يضع رأسه الملىء بالضغوطات على وسادته فى آخر اليوم ،مرورا
بالمعاناة التى يلاقيها طوال الوقت سواء فى: وسائل المواصلات، تردى خدمات التعليم والصحة، والغلاء ....وإنتهاءا بمشاهدته لبرامج التوك شوز، والتى يسهم معظمها فى زيادة معاناته، بل وتسرق منه فى الليل أمله للغد
من قبل أن تتركه حتى ليحلم به, هذا طبعا بخلاف مساهمتها فى إفساد الذوق العام بمواضيعها
التافة ومقدميها وضيوفها. إلا أن هذا الفلاح و ذلك العامل البسيط هما ملح هذه الأرض.
وبمناسبة ذكر الآلة
الإعلامية ،دعونا نتوقف قليلا, فلا يستطيع أحد منا أن يمر عليها مرور الكرام, تلك الآلة
التى باتت تعمل بلا معايير ولا ضوابط ولا لوائح عمل , فالإعلام المصرى فى غالبيته أصبح
إعلام إعلانى يسيطر عليه مجموعة من رجال الأعمال وبعض الآيادى الخفية التى تسعى لهدم
الوطن، يعمل متعديا على ثوابت أخلاقية ودينية، و بإسم الشفافية و حرية التعبير و المصداقية
يرتكب جرائم لا تغفر , فنرى فى كل ليله برامج تفيض وتستفيض فى أحداث ك : ضرب نائب بالحذاء
فى مجلس الشعب, دخول حمار للمطار, إستعرضض لفيديوهات مشينة، فضائح جنسية , تقارير عن
الجان والعفاريت والدجل وإستضافة المشعوذين , إثارة مواضوعات بذيئة كالشذوذ والمتحولون
و ....إلخ ، وان سعت مشكورة لمناقشة وضع متأزم يمس المواطن أو آمن البلاد, فإن جل تركيزها ينصب على إثارة أبعاد المشكلة،
متجاهلة حلها إن حدث فيما بعد، أو أنها
و فى أفضل الأحوال لا تعطي الحل نفس المساحة التى أعطتها للمشكلة!.
فى حين تغض هذه
الآله البصر عن تغطيه واعيه لنتائج زيارة خارجية هامة لرئيس الجمهورية, أو مبادرة جادة
لمساندة الأقتصاد المصرى من وزيرة محترمة ك(شهادة بلادى) مثلا أو (صبح على مصر) و تحفز الجمهور على أمور إيجابية،
بناءة وليست هدامة!.
وبعيدا عن الإعلام
وعلى الجانب الآخر من الوطنية و الإحساس بالمسئولية
الشعبية الذى تحدثنا عنه فى بداية المقال، نجد تصرفات وتصريحات ولا أبالغ حين أقول
أنها يشيب لها شعر الرأس!! .وإسمحوا لى أن أصفها ب"الأسطورية"! أو على طريقة
الفنانة "شويكار" فى أحد أفلامها :(شىء لايسدكه عقل!!!!) للعديد من المسؤلين
ومتخذى القرار فى الدولة، وإليكم غيض من فيض ما عايشناه ونعيشه :
فرئيس هيئة الطرق
والكبارى يصرح قائلا " كلما إزداد سوء حالة الطريق قل عدد الحوادث ..لأن الطرق
المكسرة بتجبر السائق يخفض سرعته!. بعد كل الجهد الجبار المبذول من القوات المسلحة
فى شأن منظومة الطرق يصرح لنا سيادته بذلك!.
وها هو محافظ أسوان
فى مؤتمر لدعم السياحة يصرح بأن"السياح هما اللى خسرانين مش إحنا"!. فى مؤتمر
صحفى لدعم السياحة، ومن بعده تصريح للمسئول الأول عن السياحة قائلا" أنا بقول
للسائح إنت زعلان من إيه وقلقان ليه وأنا أسدلك الخرم"!. ونفس الوزير يصرح أيضا
بأن تعامد الشمس على قدس الأقداس من 3500 عام مصادفة ليس إلا!. مصادفة!!!! . وهذا وزير
الإستثمار بتصريحه الكارثى الذى تسبب فى رفع سعر الدولار بمعدل فلكى حيث قال
"تخفيض قيمة الجنية لم يعد اختيارا"!.
فمن هؤلاء سيادة
الرئيس؟ ومن أى كوكب أتوا؟؟ ولصالح من يعملون؟؟؟ فالأمر لا يمكنه أن يستقيم ابدا هكذا!!! وأخشى أن تفقد الدولة جدوى خطابها الرسمى.
ونعلم جميعا أنك
تعشق تراب هذا البلد ، وتعمل بكل ما أوتيت من قوة، تبذل الجهد، وتصل ليلك بالنهار,
لتوفير أمن البلاد، و الإحتياجات الضرورية لأكثر من 90 مليون مواطن, يحتاجون شهريا
إلى ما يقارب من 6 مليار ونصف المليار رغيف فى الشهر!.
ولكن لابد وأن
يلمس ويرى أبسط مواطن أن كافة أجهزة الدولة لديها من السياسات والإنحيازات الواضحة
التى تعمل لصالح يومه وغده.
وإيجازا لما أردت
إيصاله لكم سيادة الرئيس، أن شرفاء الوطن الرصيد الحقيقى مازال لديهم بعض من صبر وعشم، فى أن تنقذهم من مسؤلين! ماهم بمسؤلين!!! ويبدو
أنهم ذاهبون فى إتجاه القضاء على الفقراء بدلا من القضاء على الفقر, والهدم بدلا من
البناء. .. منتظرين منك أن تمسح العشوائية
والغوغائية العالقة منذ عقود على وجه الوطن.
0 التعليقات:
إرسال تعليق