أوستراكا
...
الترويج
الفنى /الثقافى / السياحى لمصر
كتب د/ خالد البغدادى
"..
إن إدراكنا لجمال الفن .. يمكنه أن ينقذ العالم .."
هكذا
أكد الكاتب الكبير ( ديستوفيسكي ) علي الدور
الذي يمكن أن يلعبــه إدراكنـــا لمفهــــوم
( الفن/ الجمال ) وتفاعلنا معه في تغير العالم
, ومقاومة ما به من شرور
وقبح . حيث تتناسب درجة التحضر والوعي الإنساني
تناسب طرديا مع درجة استيعابنا لمعني الجمال وتجلي هذا الاستيعاب
في سلوكنا اليومي وأحلامنا للمستقبل وفي طريقة
تلقينا للآخر وتعاملنا معه ..
فالإنسانية
.. كل الإنسانية أن تصبح ثقافتك سلوك ..!!
إنها
رسالة سلام ومحبة من ملتقى أوستراكا الدولى للفنون والتى تنظمه مؤسسة أوستراكا للفنون
التى أسسها الفنان محمد حميده ، وتبرز أهمية هذا الملتقى فى عدة نقاط محددة هى التى
تميزه عن غيره وهى .. الزمان – والمكان – والحدث
، فالمكان .. مدن مصرية عديد مثل الغردقه وشرم الشيخ تلك المدينة الساحرة
.. مدينة السلام والمحبة / حيث تحتشد فيها كل اللغات وكل الجنسيات وكل الثقافات ..
حيث يتعانق الموج .. مع الضوء .. ويتوارى معا خلف أفق الجبل
أما
الزمان فله أهمية خاصة فأن يتم كل هذا الحدث فى هذا التوقيت يكسب الملتقى بعدا آخر
.. ففى الوقت الذى تخوض فيه مصر كلها حربا ضد الإرهاب وضد طيور الظلام التى تريد أن
تصادر أحلام الحاضر .. وآمال المستقبل ، وفى الوقت الذى لا تذكر وكالات الأنباء إسم
مصر إلا وهو مقرونا بأخبار التظاهرات وعمليات الإرهاب ....!!
ووسط كل هذه الظروف يأتى هذا الحدث الفنى / الثقافى
/ السياحى الذى يعقد فى شرم الشيخ حتى يتم إحداث نوعا من التوازن .. فلا تصبح سيناء
مجرد منطقة خطرة مصدره للإرهاب .. ولكنها أيضا منطقة آمنة وجاذبة تدعو كل فنانين العالم
للقدوم إليها لممارسة إبداعهم حتى نقدم للعالم الوجه الحضارى المبدع للثقافة المصرية
المحبة للحياة ...إنه نوعا جديدا من المقاومة بالفن ..!!؟؟
الحياة
.. باللون والضوء
والملتقى
.. هو تجمع فنى دولى يجمع العديد من الفنانين المصريين / والعرب / والأجانب فى ورشة
عمل واحدة يتبادل فيها الفنانون مع بعضهم الأفكار والأراء والرؤى والخبرات فى تفاعل
فنى / ثقافى / إنسانى .. إنه أشبه بمؤتمر بعقد لمناقشة مفهوم الحق والخير والجمال ،
وهو ما يميز هذا الملتقى عن غيره من الفاعليات الفنية الكثيرة التى تقام حاليا انه
ليس مجرد معرض دولى يشارك فيه الفنان بعمله ثم يأخذه مع نهاية العرض .. كما انه ليس
مجرد سيمبوزيوم متخصص فى نوع محدد من الممارسة التشكيلية .. نحت أو تصوير أو غيره ، بل أنه حالة خاصة ومتفردة فهو ( ملتقى ) متعدد المشارب
والمقاصد والإهتمامات يحاول أن يصنع حالة من التكامل والتنوع بين مجالات الفنون المختلفة
العملية والبصرية والثقافية.
وقد
شارك فى هذا الملتقى حوالى ( 70 ) فنان من مختلف دول العالم .. من تونس ولبنان والعراق
وفلسطين والسعودية والكويت وتركيا وقبرص وبلاروسيا .. وغيرها من الدول بالإضافة الى
الفنانين المصريين ، وكانت المشاركة الملحوظة للفنانين الأتراك وعلى رأسهم الفنان أورهان
أوغلو .. فنان تركى لديه خبرة فنية كبيرة ينتمى للتعبيرية التجريدية حيث يستخدم كل
طاقته وكل حواسه فى العمل الفنى ، ويتحول أداءه الى عرض فنى فى حد ذاته show فى تماهى واضح مع تجربة جاكسون
بولوك. وسامى بن عامر ..
ومن أهم الأسماء النقدية فى دولة تونس والعالم العربى لكنه لديه أيضا رؤية
فنية تتسم بالشفافية الروحية .. حيث يلعب الضوء والنور الدور فى بناء العمل الفنى ،
أما الفنان إيهاب الأسيوطى .. ورغم أنه بالأساس نحات معروف لكنه لديه الخبرة التشكيلية
التى تمكنه من إنتاج لوحة فنية معاصرة بشكل جيد يظهر بها حس لونى محمل بدلالات رمزية
واضحة ، أما الفنان سمير عبد الفضيل فقد شارك بعمل حاول فيه توظيف الحرف العربى فى
بناء عمل فنى معاصر .
والفنانة
دنيا غناى .. فنانة تونسية شابة لديها شغف passion وطاقة إنسانية كبيرة تتجلى بوضوح فى كل أعمالها الفنية
.. حيث يصبح كل عمل فنى تنتجه جزء منها وهى جزء منه ، لذلك تشبه أعمالها وأعمالها تشبهها
.. وهى من أكثر الفنانين التى تفاعلت مع البيئة المصرية .. حيث إستخدمت فى لوحتها رمال وعناصر طبيعية من
مدينة شرم الشيخ.
أما
الفنان أسامه عوكل .. فهو فنان من السعودية يحمل عمله الفنى الكثير من الطاقة والحيوية
والرحابة اللونية .. حيث يتفجر اللون على مسطح اللوحة وكأنه بركان لونى ..!! وشاركت
الفنانة المصرية سامية الشيخ بعمل متميز مزجت فيه بين الخبرة اللونية وإضافة قطع من
الأقمشة المزخرفة .. فى توظيف جيد للزخارف ودمجها فى بناء العمل.
وشاركت
الفنانه ليلى كونسو من لبنان .. بعمل يعبر عن حالة من الأمل والبحث عن السعادة من خلال
بساطة العناصر وشفافية اللون ، فى حين قدمت الفنانة الفلسطينية نجاة طاميش عمل يعبر
عن خبرة فنية فى بناء العمل وتوظيف اللون والملامس فى صنع حالة من الدرانا من خلال
التباين بين المساحات المضيئة والمساحات المعتمة ..!!
والفنانة
التركية عائشة قدمت عمل مستوحى من المثيولوجيا الفرعونية والثقافة المصرية .. يعبر
عن حياة كليوبترا وما تمثله من أنوثة وعذوبة .. وأيضا قوة وجبروت كملكة متوجة ..!!
أما الفنانة المصرية غادة أبو حديد فقد قدمت عمل يتسم بالخبرة اللونية وحيوية الإيقاع
وقوة الخطوط.
الفن
يصلح دائما ما تفسده السياسة ..!!
حوار فى الفن والفكر
وبالإضافة
الى الورش الفنية يقدم الملتقى برنامجا موازيا(
للثقافة الفنية والبصرية ) لإحداث نوع من التكامل بين الخبرة العملية والجانب
العلمى والمعلوماتى والتنظيرى ، حيث يكون هناك يوميا ندوات وحوارات مفتوحة للحديث فى
الفن ومدارسه وإتجاهاته وفلسفاته الحديثة والمعاصرة . كما تنظم ندوات للفنانين المتميزين
فى الملتقى المصرين والعرب والأجانب للحديث عن تجربتهم التشكيلية بمراحلها وأبعادها
المختلفة .. حتى يكون هناك نوعا من تبادل الرؤى والخبرات بين جميع الفنانين.
هذا وقد
شارك فى هذه الدورة الناقد التونسى سامى بن عامر والفنان التركى أورهان أغولوا والناقد
خالد البغدادى - كاتب هذه السطور - وهم الذين نظموا العديد من اللقاءات والحوارات الثقافية
وتم تشكيل لجنة لصياغة التوصيات والمقترحات ، وقد أكدت اللجنة على أنها إطلعت على جميع
الاعمال الفنية المنجزة والتي شكلت المعرض الختامي للمهرجان، ويسعدها أن تتقدم لكل
الفنانين المشاركين بهذه الدورة والقادمين من بلدان مختلفة ، بتهانيها الحارة على ما
قدموه جميعا من إضافات فنية خلال هذه الدورة ، تميزت بتنوعها واختلاف أساليبها .
وسعيا
الى تعميق هذه المبادرة والى تطويرها لتصبح تقليدا ومحطة لها وزنا اكبر في مجال الفنون
التشكيلية، وطنيا ودوليا توصى اللجنة بالسعي الى مزيد من التواصل مع المؤسسات المعنية
بدعم الجهات الثقافية والفنية ، لرصد مزيد من الإمكانيات الفنية والمادية. كوزارتي
الثقافة والسياحة و كل المؤسسات الاقتصادية الخاصة، بدعم مثل هذه التظاهرات الثقافية
التي من شانها أن تساهم في تأسيس ثقافة الإبداع والتميز التي تكرس لمبادئ التسامح والحرية
والديمقراطية وتنبذ التعصب والتطرف والأنانية وهو ما نطمح اليوم جميعا الى تحقيقه في
مجتمعاتنا في ظل التحولات الراهنة و الحرص على مزيد الاهتمام بالفنانين ذوي التجارب الفنية المميزة وبكبار النقاد والسعي الى دعوتهم ، لإثراء المهرجان وتفعيل حالة التفاعل الفنى والفكرى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق