باكــــــره
ترابـــــك يا بلــــــدي
أخي الفاضل... أختي الفاضلة فيه سؤال محيرني جدا،
هو في الحقيقة مش سؤال واحد، بل أسئلة عديدة
....
محيرانا، فنحن أصبحنا في زمن الحيرة، المهم خلينا
في سؤالنا، ألا وهو. إيه سبب حب المصريين للتراب؟ زمان وانا طفل صغير، شاهدت مسلسل
وفيه عبد الرحيم الزرقاني الله يرحمه، وهو نايم على الأرض وبيبكي ونفسه يموت على ترابها،
وطبعا هدومه إتوسخت وبما إني يا ما كلت علق بضم العين طبعا، بسبب التراب اللي على الهدوم
طبعا تأثرت بالمشهد جدا، وشاهدت وانا صغير أيضا، فيلم العمر لحظة وكانت هناك عبارة
شهيرة لماجدة الصباحي بتقولك" التراب غالي والضنا غالي" وأيضا تأثرت بالتراب
والدم في الفيلم، وعبد الحليم حافظ يقولك أنا من تراب، طب ما يقول انا من طين مثلا
إشمعنه التراب؟ أيضا المصريون هم الوحيدون والمتميزون الذين ينفردوا بلونين جديدين
هما اللون الترابي واللون الفيراني! نسبة الي التراب والفأر او كلاهما معا، لأ ويفتخر
يقولك "انا شاري حتة جاكت ترابي أو فيراني إنما محصلش " مش يقولك مثلا رمادي؟
لأ إزاي لازم تراب عشان يشعرك بانتمائه، وكل يوم واحد يطلع في التليفزيون يقولك
" أنا بعشق تراب البلد دي " وبغض النظر عن العشق المترب ده، بس عشق غريب
ما يقول مثلا: "انا بعشق أرض البلد أو بعشق البلد على طول"، حتى الرومانسية
أصبحت متربه هي أيضا، يحب واحدة يقولها "انا بعشق التراب الي بدوسي عليه برجليك"،
طب ما يقولها بعشق رجليكي على طول ولا هو حقد عالتراب اللي السنيورة داسته برجليها؟
ولا عشق للأرجل اللي بدوس على التراب؟ بل أصبحنا
نحب ونعشق اللي يدوس علينا ونحسد التراب عشان بينداس عليه بالجزمة والأرجل، ولا ده
نوع من سخرية المصريين المعتادة من الدنيا واللي حوالينا؟، يعني اقصد من كتر التراب
اللي حوالينا بقينا نسخر من التراب ونجيب إسمه في كل كلامنا، ولا يمكن بنثبت لأنفسنا
عكس الموجود كنوع من الهروب من الواقع، فنظل طول اليوم نقولك التراب التراب، وبحب التراب،
وبعشق التراب، عشان مفيش حد يلومك ويقول لك ايه التراب اللي انت عايش فيه ده؟ وقد يعتبر
نوعا من الذكاء الاجتماعي، عشان محدش يتكلم
عن التراب اللي عايشين فيه، من تلوث سمعي ولفظي
وبصري، ولا التراب الموجود على كل رف في بيتنا وشغلنا، وأصاب حتى المصاحف من ندرة القرب
منها، حتى كلام ربنا اللي في بيوتنا عليه تراب إستغفر الله العظيم، والتراب الموجود
على عقولنا وأفكارنا قبل ملابسنا، ويطلع لك ناس متربه الملابس والعقول تريد الحكم بالسيف
، طب نظف تراب ملابسك وعقلك والنظافة من الإيمان،
المشكلة أصبحت كيف نتخلص من التراب؟ سواء ظاهري او باطني، خفي او صريح ، مادي او معنوي،
اصبحنا في اشد الحاجه للتخلص من التراب، وليس الافتخار بوجوده، وعن نفسي بكره ترابك
يا بلدي، ونفسي التراب يبقي مجرد ذكري، في حياتنا وبدل اللون الترابي يكون هناك الوان
اخري تظهر جمالنا واحساسنا بالحياة.
عندك حق .. و انا كمان بتمنى ان بلدي تبقي بتلمع و بتبرق زي حتة الدهب .. تبقي نضيفه هى و عقول اهلها من التراب .. مع العلم ان بلدى بالفعل حتة دهب .. و دى حقيقه .. بس تصدق حضرتك .. انا كمان بعشق التراب اللى مغطى حتة الدهب دي .. بعشقه زي ما بعشق العرق اللي بيغرق وش أمى لما بتهلك نفسها عشنا .. زى ما انا بحب كل حاجه فى امى و هى فى نظري اعظم واحده فى الدنيا .. انا بحب كل حاجه فى بلدى .. هرجلتها و دوشتها و زحمتها .. و ترابها .. فعذرا .. انا كمان بعشق تراب بلدى ..
ردحذف