نتقـــــى بتجـــــرد مـــن
أجـــــــل مصــــــر
بقلم
/ هبه عبد العزيز
إنتابت مؤخرا الصحف ومواقع التواصل الإجتماعى حالة
من الضجيج عالى الصوت, الذى لا يجدى معه نفعا إلا المراقبة والمتابعة, لما ستسفر عنه هذه المعركة الكلامية بين النخبة
من الكتاب و المفكرين, فعمت حاله من القلق الخصب, لم تراعى كلماتهم الحذر من الشطط
فى كيل الإتهامات, أظهرت مدى الغش الذى غلفت به مشاعرنا, فصرنا نغضب حين لا يجب أن
نغضب و نصمت حين لا يجب الا نصمت, سرنا متطرفون فى المحبة وأكثر تطرفا فى الكراهية, لا نرى من المشكلات إلا
بضيق أفقنا, ولا نبصر من أبعدها إلا بجهل عقولنا, فالأحداث جلل والوطن بين مفترق طرق.
فمن الطبيعى أن
نجد الخلاف والشقاق ما بين الوطنية المصرية وتحالفها 30يونيه, وما بين هذه العقول المتحجرة والقلوب الخاوية, إلا من ذكر وسوسة الإنتقام ونفوس مشبعة بالكراهية
وإشعالها لنار تحرق الجميع.
إن إختلاف الرؤى
حول تسيير سفينة الوطن نحو الإستقرار وقطف ثمار الثورة, و ترتيب الأولويات نحو المستهدف
تحقيقه من أهداف هده الثورة, لا يبعث على أى
خيانة للوطن, ولكنه ان نم على شىء فانما ينم
على حيوية المجتمع و تطوره, ما دام المختلفون مجتمعون فى خندق الوطنية المصرية, والزود
عن الوطن فى وجه المخطط الدى تواجهه الدولة فى الداخل والخارج, وهدا لا يعنى تشريع
لعنف ولا تخريب.
فما دمنا إختارنا
الديمقراطية نظامنا سياسيا للحكم وتداول السلطة فيما بين القوى السياسية, فلنتقبل الخلاف,
لانه دليل على صحة المسار وعدم الإنحراف عن طوقه. فالديمقراطية شاغلها الشاغل هو خلق وعى شعبى, يكفى لتمكين الشعب
من الهيمنة على السلطة, لا لتمكين السلطة من الهيمنة على الشعب.
ولا يستطيع أحد
منا أن ينكر أن السلطة الحالية للدولة أستطاعت انجاز جزء ليس باليسير من خارطة الطريق
التى أقرها تحالف 30 يونيه, فتم إقرار الدستور والإنتخابات الرئاسية, كما أنها فى طريقها
لإستعادة الحالة الأمنية والأستقرارالمجتمعى,
ولم يتبقى من خارطة الطريق الا الاستحقاق الثالث "الأنتخابات البرلمانية",
وهناك إصرار من رئاسة الدولة على إكمالها للوصول وفرض حالة من الأستقرار التشريعى على
القوانين المكملة للدستور, وخاصة تلك التى
تخدم مشاريع التنمية المستهدفة, وبث روح الطمأنينة للمستثمر المصرى والأجنبى. وبدون
شك لا يستطيع اى أحد منا أن يقول أننا قادرون على ممارسة الديمقراطية و الأستمرار نحو
جنى ثمارها, إلا إذا توافر لدينا قدر معقول من المكاشفة وإشاعة روح الأمان والثقة بين
أطياف الشعب, فالإيمان بالأوطان دائما ما يشع روح من الطمأنينة بين أبناء الوطن, فالأوطان
نختلف فيها, لكننا ابدا لا نختلف عليها.
حقا أن السياسة
ليست مهنة مبادئ, بل هى مهنة تطويع الأمر الواقع, تحت شروط الوطنية , وأن نتعامل مع
الواقع بحكمة و حنكة نحصد بها الإستقرار للوطن,
فما أحوجنا لنوع أخر من السياسيين,
يكسبون أنفسهم اولا, ويمرنونها تكرارا
على تغليب الصالح العام على تحقيق المصالح الشخصية, فلا تجعلوا من الخصام السياسى والتحالفات
رصيد يخصم من الوطن, بل أجعلوا تباين رؤاكم لخدمة الوطن والعبور به نحو الأستقرار,
فندمنا لعجزنا عن حماية حاضرنا سوف يضيع مستقبلنا من بين أيدينا.
لا أخفى عليكم أن الحيرة كادت أن تتملكنى بعد القرارات الأخيرة
للرئيس, خاصة القانون الخاص بالهيئات الرقابية, ولكن بعد أن شرفت بالدعوة على
"إفطار الأسرة المصرية" الثانى بفندق الماسة, و أستمعت لكلمة سيادته حول
الاهداف من اصدار تلك القرارات وفى هدا التوقيت تحديدا, تملكنى شعور بالراحة والطمأنينة,
فصدق الكلمات دائما ما يصيب القلوب الحائرة, خاصة عندما يقترن هدا الصدق بما يقنع العقل
من أسباب.
فقد كانت كلمة
الرئيس خلال حفل الإفطار الذى أقامته الرئاسة, الكلام الموجز والبلسم الشافى بعد هذا
اللغط فى المعركة الأخيرة, فقد كان تأكيد الرئيس على ضرورة تطبيق قانون الإرهاب لمواجهة
تحديات المرحلة, و تأكيده على أنه لن يظلم أحد بتطبيقه لهدا القانون, كما كان تأكيده
على مدى سعادته وفخره بالثقة التى حظي بها من الشعب المصرى, وضرورة استمرار هذه الثقة
خاصة مع إصدار قانون الهيئات الرقابية, وما صاحبة من لغط فى الشارع السياسى, وكان أيضا
حرصة على أن تكون أولى جلسات مجلس الشعب الجديد فى أخر العام , وأهمية أن يراعى الشعب
الصالح العام للوطن وهو يختار نوابه, كلها أمور كان من الاهمية ضرورة توضيحها وتأكيدها.
ولا أجد من الكلمات
ما أنهى به مقالى اليوم أفضل من (لا تحاسبونا عما فعلناه, بل حاسبونا على ما كان سيحدث إن لم نفعله).
0 التعليقات:
إرسال تعليق