لقـــــاء مـــع مـــلك الجــــــــــان
بقلم / ياسر عامر
شـــرم الشيـــــخ

جلس الطالبين، في درج واحد فهم منذ التحاقهما بالدراسة بالصف الأول الابتدائي، لم يفترقان حتى وصلا لبداية مرحلة تعليمية جديدة وهي مرحلة الإعدادية، ورغم بداية نضج عقولهما، واختلافهما في الديانة، لم يفرقهما جسديا شيء، ولكن كان مختلفين كليا وجزئيا، في تفكيرها، اندهش احمد عندما قال بعد لحظات تأمل يا رب، فعاجله بتلقائية، يوسف " هيعملك ايه ربنا"؟

 فنظر احمد مندهشا للصليب الموشوم على يد صديقه يوسف، الذي لم يتركه يفكر كثيرا، انه يؤمن بالعلم، فالهه العلم، كما قال،  واجابه احمد ان العلم والدعاء شيئان لا ينفصلان، وأجاب يوسف الطفل بعقل رجل كبير تركت لك الدعاء، وانا سأتعبد في محراب العلم، ومرت سنوات طويلة تقترب من العشرين عاما، لم ينسي خلالها يوسف تحديه  لصديقه احمد، فقد اتخذ من العلم فعلا دابة استطاع ان يمتطيها ويسخرها لصالحه، فذاع صيته واصبح ذو نفوذ كبير، وجعله ذكائه وعلمه بخبايا التجارة، من الأثرياء العظام، الذين ينقلب التراب في يده ويتحول ذهبا، كما يقولون، الا ان الحياة لا تعطي كل شيء.

 ففي الوقت الذي اصبح لأحمد جيشا من الأولاد والبنات، كان يعاني يوسف من مشكلة كبيرة، في الانجاب واتاح ما يمتلكه من مال وفير، ان يجري تحاليلا متخصصه ويلجأ لكبار العلماء الذي ينحني لعلمهم، حتى انجب ابنا جميلا بعد مشوار طويل مرهق، واكد علم الأطباء انه لن ينجب سواه طيلة حياته، ففرح فرحا شديدا به وبالغ في تدليله، وكانت تصنع من اجله اللعب خصيصا، ويأتي له طعامه بالطائرات، وعندما بلغ سن الالتحاق بالمدرسة أصيب بمرض غريب نادر، لم ينتظر والده كثيرا حيث حمله على متن الطائرة الخاصة، وهو في السماء اجري اتصالاته، وحدد موعدا مع كونسلتو من اكبر علماء وجهابذة الطب، في اغلي مستشفيي على مستوي العالم، حيث وضع تحت اقدامهم ملاين من الدولارات، ليشتري به علمهم، فهو يقدس العلم ويعلم انه غالي الثمن، وقد اخرج الأطباء كل ما برأسهم من علم مقابل الملاين، فاجروا التحاليل والفحوصات، واجروا الاتصالات، وارسلوا الفاكسات والتليكسات، فكانت الإجابة واحدة، هل تؤمن؟


قال لا اؤمن الا بالعلم، فأجابوه ان العلم الذي تؤمن به، قد عجز امام هذه الحالة الفريدة الغريبة من نوعها، وانا العلم الذي لا يعترف الا بالتجربة والمشاهدة، والمحدد بالأرقام يؤكد، ان ابنه أيام معدودات وسيكون في عداد الموتى، فبكي يوسف وانهار، وقال انه بعلمه ونقوده لن ييأس وسيشترى لابنه الحياة مهما كانت، واقترحت عليه احدي الممرضات التي اعتاد ان يغدق عليها بالمال طوال فترة تواجده بالمشفى، انا حالة ابنه يأس منها الطب، والأطباء وعندما ييأس العلم، يبقي السحر، ودلته على مكان اكبر ساحر هندي، فطار مباشرة اليه، فوجده يسير فوق الماء، وينام على فراش معلق بين السماء والأرض، ويحدث الحيوانات، ويرقص لضحكته السمك في الماء، وبعد ان احضر المطلوب ودفع ما هو مكتوب، قرر الساحر ان يجمعه بملك الجان، فهو مرض خطير، لا يعالجه الا عفريت كبير، فجاء ملك الجان، وسط جيش من الجنيات، فارتعدت فرائس يوسف، ولكنه استجمع شجاعته، واخذ ملك الجان يفكر، وهو يخلل أصابعه بين شعر ذقنه الكثيف، واخبره انه مسحور، ولا علاج لابنه الا بفك السحر عن طريق دعوة انسان طاهر يتمتع بقدر كبير من النقاء فخرج مسرعا يبحث عن من يتوفر به الشروط، فوجد زاهدة عرف منها انها تعبد البقر.


 ثم ذهب الي معبد وجدهم يقدسون النار، وكنيسه رفض القسيس الدعاء له لأنه مخطأ، وامام مسجد رفض دخوله المسجد، فاتصل بزوجته يخبرها فتذكرت صديقه احمد، الذي لم تنساه عندما حكي لها زوجها عن التحدي الي بينهما، وعندما هبت اليه ترجوه الدعاء، اقترح عليها ان تذهب فتعمل عملا فيه خير لأنسان لا تعرفه، ودلها على سيدة تتوفر فيها صفات الطهر والنقاء، ولكنها رفضت كل ما قدمته لها من مال، على رغم فقرها، وعندما دمعت عين الام وتوسلت اليها ان تقبل مساعدتها رفضت أي مال ولكنها اخبرتها ، ان ابنتها الوحيدة الشابة الجميلة، قد حبست نفسها في حجرتها لأنها مصابة بالصرع، وتخشي ان تتعري امام الناس، ولا تملك لها من المال ما تشري به ما يسترها عندما تسقط، فأسرعت واحضرت لها ما يسترها عندما تداهمها حالة الصرع، ورجتها الدعاء، وذهبت والدموع في عينها، الي الكنيسة ترفع يدها بالصلاة، واستجابت السيدة لطلب ام سترت ابنتها دون ان تعرفها، فرفعت يديها هي الأخرى بالدعاء، وفي نفس التوقيت كان يوسف بجوار سرير ابنه يبكي يائسا فقد اخبروه الأطباء انه في غيبوبة الموت ولن يفيق منها، وما هي الا دقائق معدودات ويموت ابنه، الذي فقد وعيه تماما، وبقي يوسف وحيدا بجوار سرير ابنه، حانيا راسه متابعا دموعه تنهمر على الأرض واذا فجأة يد صغيرة تملس على شعره، وتخترق اذنيه كلمة "بابا".
                                    



2 التعليقات:

  1. جميلة جدا

    ردحذف
  2. قصه رائعه موضوعها هادف نحتاج إلى أن ننشر قيمه التدين الحق والصله القويه بين العبد وربه

    ردحذف

 
Fox Egypt News Magazine 2014 © جميع الحقوق محفوظة © تصميم الموقع : مجدي البروفسير