حريقــــــه فــــي
دوار العمــــــدة
بقلــم: يــاســـــر عـــــامـــــــر
على الرغم من أني
لم أري في حياتي عمدة حقيقي، ولم اذهب إطلاقا لدوار عمدة وهو بمثابة البيت الأبيض بأمريكا، أو قصر الاتحادية
بمصر أي هو مكان إدارة هذا العمدة لعموديته أو
لحكمه أو لتحكمه بمعني أقرب إلى الصواب في أهل بلدته أو عزبته الذين في الغالب
ورثهم عن أبوه كابر عن كابر ، فلم يعلق بذهني إلا العمد الظلمة المفتريين الذين يطمعون
فيما يملكه الفلاحين الغلابه سواء كانت أرض أو بهيمة أو حتى زوجه جميله ، فأغلب ما
عرضته الدراما التليفزيونيه سواء مسلسلات أو أفلام لا تخرج عن هذا النطاق ، مع إحترامي
الشديد لفيلم الزوجه الثانية للراحلون صلاح منصور وسعاد حسني وشكري سرحان وسناء جميل
والبارودي.
فهذا الفيلم يعتبر علامة من علامات السينما المصرية سواء كان سيناريو أو
إخراج أو تمثيل فهو فيلم عظيم ذكر فيه ألفاظ وتعرض لمواقف ذات دلالات رائعه لما يحدث
في مجتمعنا من سلبيات خطيرة وأخذ يعطي المشاهد لقطات لنماذج بإختصار شديد لا يضر بالمعني
المقصود بل يفيده منها أمثلة لمأمور فاسد وهو يلتهم البطه ويلفق المحضر ، أو مثال لرجل
دين منافق بعبارة وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم في صورة بليغه جدا
جدا لإستخدام تفسير آيات القرآن لخدمة المصلحة الشخصية ، والعمدة الفاسد الذي إستخدم
مركزه وسلطته بمقولة الورق ورقنا والدفاتر دفاترنا ، وصور للقهر والظلم في أبشع صورها
، ثم الست التي تظهر في شكل البراءة والجمال والعفوية جسدتها سعاد حسني في عز تألقها
وجمالها ، عندما تريد الإنتقام فتكيد وتدبر لضرتها المفترية سناء جميل ، ثم تنتقم من
العمدة نفسه وتجيب له شلل عفاكم الله ثم يضرب
لنا المؤلف مثلا أخر حينما يموت العمدة وتقوم الزوجه الثانية بإرجاع الحق إلى إصحابه
، على رغم إختلافي مع المؤلف في هذا ، وفي إنهاء بطش العمدة بالموت ، ولكنها رساله
أراد بها المؤلف خيرا ، أما على أرض الواقع فلم أري عمدة إطلاقا ولكن كانت هناك زميلة
لي في الكلية تدعي أنها بنت عمدة ثم مات أبوها وإستلم العمدية أخوها فاصبحت من بنت
العمدة لأخت العمدة ولكني لم أراهما، والموقف الآخر هو حريق كبير عندما كنت أبيت ليلة
انا وبعض زملاء الدراسة بإحدي القري بمنزل زميل لنا عندما تعطل القطار في ذات ليلة
ممطرة في إحدي ليالي الشتاء وإستيقظنا في الصباح على صوت صويت الستات وهرج ومرج واصوات
تقول "حريقه بدوار العمده "
ورجال يرفعون الجلاليب باسنانهم ويحملون المياه
من الترعه التي تشق القرية ونساء تجري وأطفال تصيح ، و تفرغت أنا وزملائي للفرجه من
بلكونة منزل صديقنا بعد أن تركنا وذهب لينول شرف إطفاء حريقة دوار العمدة ، وإنصرفت
أيضا دون أن أري العمدة ، أما الآن فالعمدة هي الحكومة ومنشآتها وقد تذكرت حريقة دوار
العمدة باحداث التفجيرات التي باتت تحدث يوميا تقريبا ورغم أني كنت انا واثنين من زملائي
فقط من المساهمين بالفرجه على حريقة دوار العمدة
فإني أري الآلاف تقف بجوار آثار التفجيرات أغلبهم مواطنين عاديين ونادرا ما تظهر الكاميرا
أحد رجال الدفاع المدني أو المطافي رغم أن هذا واجب واساسي لإعلام الناس كيف يقوموا
بدورهم ، ولكن إعلام غير متخصص وغير واعي لشعب قل الوعي عنده ما هالني وفجعني وإستفزني
إستفزازا يجعلني أضغط على أسناني وتؤلمني معدتي وقولوني حيث أتمتع والحمد لله بالقولون
العصبي الذي يهيج ويميج عند أي توتر عصبي ، أن أجد المذيع أو المذيعه تقف ومن الخلفية
مواطنين كلهم حاطين المحمول .....
على أذنهم طبعا ويقفون أمام الكاميرا وهو يضحكون
في بلاهة ظاهرة وتسمع كل واحد يكلم مراته ويقول لها: "شيفاني كويس؟ ايه رأيك في
تسريحه شعري؟" والثانية ترد عليه وتقول
له: "كده يا فلان؟ مش قلت لك البس القميص الكاروه اللي جايباهولك في عيد ميلادك؟
"، وتلاقي واحد بكلم أمه: أيوه يامااااه شيفاني كويس؟ لا أنا مش خاسس ولا حاجه
باكل كويس، وأخر يقول لصاحبه شايفني كويس يا ابن ...... كذا؟ انت وهو على فكرة أنا
اول واحد جه بعد الإنفجار وصورت الناس وهي ميته، وأمثال أخري كثيرة في شكل وظاهرة لا
تحدث إلا بمصر هل هي سخرية من الواقع؟ أم كوميديا سوداء؟ أم بلاهة وعدم مبالاة بما
يحدث؟ وبمن مات؟ ومن سيموت؟ وأيضا تنتهي الحريقة
دون أن نري العمدة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق