إشمعنا (يخـــت المحـــروســـــة)

بقلم د. عـادل المصـــري
خبير ومستشار هيئة تنشيط السياحة


لو مسألتش السؤال دا وشايف الموضوع عادي ، إسمحلي أقوللك لأ .. وقف وفكر تاني .. في معجزة حصلت هنا حضرتك ..القاعدة بتقول ( مش كل حاجة في السياسة ممكن تتقال .. لكن كل حاجة أكيد بتتفهم )

سنة ١٨٦٥ اليخت دا إتبنى في ترسانة سامودا في إنجلترا ... في الوقت اللي كانت إنجلترا هي الدولة رقم واحد في تصنيع السفن على مستوى العالم ، ودا يخليه أقدم وحدة عائمة على مستوى العالم فعلاً.

وبنظرة سريعة على اليخت هنجد إنه بدائي جداً رغم النقوش والفخامة اللي عليه .. ومبني بتكنولوجيا بسيطة غير موجودة حالياً ، البدن خشب ، تربينات بخارية قديمة ، مدافع إنتهى العمل بيها قبل الحرب العالمية الأولى ، أنظمة مكافحة حريق وأنظمة ملاحية ... إلخ إلخ كله قديم ... وطبعاً في الزمن دا كانت المحروسة هيه قمة الإبداع في الهندسة البحرية وقمة الفخامة من الداخل اللي جعل منها قصر عائم ودرة السفن الملكية في العالم.



















من عشر شهور صدرت الأوامر بتجهيز يخت المحروسة للإبحار مرة تانية لتشارك في إفتتاح قناة السويس الجديدة .. ودا كان مستحيل .. خيال .. حتى لو في ضعف المدة ..

تجهيزها بدون قطع غيار متوفرة ..تجهيزها بدون عمالة مدربة على التكنولوجيا القديمة أوي دي ..تجهيزها بدون إستبدال ماكينات خوفاً على تراثها ..


تجهيزها من الداخل علماً بأن الداخل دا متحف ملكي مش كنبتين وسفرة وسرير .. يعني معاملة خاصة ودقيقة جداً .... تجهيزها في زمن قدره ... لاشئ مقارنة باللي هيتم فيها ... شوف بقى لما العالم كله يعرف إن ولاد القوات البحرية لوحدهم وبدون مساعدة قدروا يعيدوا الحياة مرة أخرى وبكفائة لمركب مبنية سنة ١٨٦٥ في أقل من سنة ، وإنجلترا اللي قامت بتصنيع المركب دي... عندها حاليا في لندن في نهر الثايمز مركب إسمها HMS Belfast إتبنيت سنة ١٩٣٨ ولما عطلت عملوها متحف ثابت ..

الحقيقة إن الفكرة بالنسبالهم مرعبة .. وخصوصاً لما يعرفوا إننا مبنرميش سلاحنا القديم ... وخصوصاً لما يعرفوا إننا بنحافظ على تراثنا وتاريخنا .. وخصوصاً لما يعرفوا إن اليخت دا إتبنى قبل مأمريكا يبقى فيها قطر أو حتى طفطف .. وخصوصاً لما يعرفوا إن تاريخنا كله أمجاد وإننا مُصرّيين نعيده ..


المحروسة مش مجرد سفينة .. المحروسة رسالة شديدة اللهجة إن سلاحنا القديم قادر على الإبحار تاني والقتال مهما جبنا جديد .. إبحار المحروسة حكاية مهندسين أبدعوا .. وضباط خططوا ونفذوا .. وصف ضباط وعساكر تعبوا وإجتهدوا .. وعُمّال شقيوا .. إبحار المحروسة حكاية مش سهلة .. هتتحاكها قيادات العالم في مكاتبهم الفترة اللي جاية ، وهتدرسها جهات مختصة .. وهتراقبها جهات تانية علشان تعرف إحنا بنعمل إيه علشان نبقى كدا .. وإحنا مبنعملش حاجة .. الموضوع بسيط أوي ... مُجرد بنحب مصر ..

والجدير بالذكر الدكتور عادل المصرى خبير ومستشار سياحى حاصل على الدكتوراه فى مجال إدارة  الأزمات من جامعة السوربون بباريس كأول مصرى يحصل على هذا التخصص من فرنسا ، سبق تمثيل مصر فى الخارج كمستشار سياحى بالمكتب السياحى المصرى بباريس ، وكذا  كمستشار بالمكتب السياحى المصرى بالهند وجنوب شرق آسيا ، قام بتمثيل مصر فى العديد من المؤتمرات  والأحداث الدولية بالعديد من دول العالم.

حاصل على العديد من الجوايز الدولية والمحلية سواء فى مجال المهنة أو فى مجال العمل العام.



0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Fox Egypt News Magazine 2014 © جميع الحقوق محفوظة © تصميم الموقع : مجدي البروفسير