الربيع العربى خريف فلسطينى
بقلم هبه عبد العزيز

وأستكمالا لما بدأناه فى مقالنا الأسبوع الماضى عن القضية الفلسطينية, فلم تكن مصادفة يقظة الدول العربية وظهور حركات التحرر, والتى بدأت بثورة الشريف حسين عام 1915 م على العثمانيين, وتزامن ذلك مع ظهور فكرة الدولة الاسرائيلية, وقرار زرعها فى قلب الأمة العربية والإسلامية, فهناك صلة قوية بين بزوغ حركة القومية العربية والمخططات الاستعمارية لتقسيم المنطقة حتى يتسنى الهيمنة عليها, وكانت "سايكس بيكو" عام 1916م  ترجمة لتلك المخططات, تلاها وعد "بلفور" 1917م.

وقد بدأت "القضية الفلسطينية" كقضية قومية عربية, وذلك حتى عام 1967م حيث تم أحتلال أجزاء من بعض الدول العربية , ولم تعد فلسطين قضية العرب الأولى كما كانت, حيث أصبح تحرير الاراضى العربية المحتلة له الأولوية على تحرير فلسطين, وزاد الأمر سوء بعد توقيع مصر لاتفاقية "كامب دايفيد" 1978م, إء تم تحييد الدور المصرى وأصبح وسيط ليس إلا, وذلك بعد ان كانت مصر تتصدر المشهد فى قيادة الامة العربية, هذا على صعيد البعد القومى.



وأما على صعيد البعد الاسلامى للقضية, فقد كان المسلمون (ينظرون بقدسية للقدس), تلك المدينة التى ترمز للقضية الفلسطينية, فهى مهبط الأنبياء وبها المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى, فالقدس بمثابة الوقف الإسلامى وملك للمسلمين جميعا, ولا يحق لأحد أن يتنازل عن شبر واحد منها للعدو الصهيونى ,فلا يجوز التخلى عن ثوابت القضية مهما كانت معطيات الواقع سيئة, وقد كانت القمم العربية وخطابات الرؤساء والزعماء العرب تزخر دوما بالحديث عن القضية الفلسطينية, وترفع الشعارات الكبرى عن تحرير فلسطين والخطر الصهيونى, الا أن كل دلك بدأ يتغير وينحصر تدريجيا, فبعد توقيع مصر لمعاهدة "كامب دايفيد" ,وتزامن ذلك مع المد الاسلامى الاصولى, بظهور الثورة فى إيران و تنظيم القاعدة فى أفغانستان , راهن الفلسطنيون وقتها على الأمة الأسلامية بدلا من المراهنة على القومية العربية التى خدلتهم, إلا أن خيبة الامل كانت بانتظارهم, فقد أستخدمت التيارات الاسلامية "المتأسلمون" القضية الفلسطينية وتاجروا بها لخدمة مشاريعهم وأجنداتهم, فخارجيا قاتل "المجاهدون"فى كل بقاع الارض عدا فلسطين!!!وداخليا إقتسمت حركة حماس(التى صنعتها اسرائيل لخدمة وجودها) جزء من الارض وأقاموا عليها كيانا مستقلاعلى حساب المشروع الوطنى الفلسطينى, وزادوا الطين بلة,فهولاء وإسرائيل يتلاقوا فى نقطة وهى أن كلاهما "لا يريد قيام دولة فلسطينية".

ومع أنه لا يجوز أن يجتمع  فصلى الربيع والخريف معا, ألا أن ما سمى بالربيع العربى قابله خريف فلسطينى, فبحسب إستطلاعات الرأى الفلسطينية أن حوالى 65% من الفلسطنيين رأوا أن تلك الثورات العربية أثرت بالسلب على الاهتمام بالقضية الفلسطينية, فالدول التى قامت بها تلك الهبات أصبحت "أنظمة وشعوب "مشغولة بقضاياها الداخلية أكثر من إهتمامها بالقضية الفلسطينية, فمعظمها قد أصبح غير آمن من الناحية الأقصادية و الأمنية.

وهنا وجب علينا أن نرفع القبعة نحن العرب  للغرب وللكيان الصهيونى, فلقد أدى ظهور المجاهدين والتنظيمات الاسلامية لملىء الفراغ الذى تركته القومية العربية بعد فشلها فى حل القضية الفلسطينية, وكذلك فشلها فى تحقيق أى شىء للعرب على جميع المستويات العسكرية و السياسية و الاقتصادية , فهكذا مهدنا نحن  الطريق لأعدائنا للتخطيط المحكم ضدنا وخديعتنا وخديعة شعوبنا, فقد كان فشل المشروع القومى سبب أساسى فى إستبدال هذا المشروع, باتخاد السعى فى تنفيد بعض تعاليم الدين المغلوطة هدفا تحت مسمى "الدولة الاسلامية" وإنخدع البعض من شعوب هذه الأمة, فكان:إجتماع التخطيط, وإمتلاك أدوات التنفيذ, وأيضا غياب الرؤية وتغليب المصالح الشخصية على صالح الامة كلها أسباب أدت الى ظهور الكيانات الاسلامية فى صدارة المشهد فى الربيع العربى الذى كان من صنع الشعوب العربية المنكوبة.


وبعيدا عن إستخدام العبارات والجمل الرنانة والمستهلكة, والتى ملت من سماعها أداننا, وحفظنها من كثرة ما رددتها الالسن ,فإننا لن نوجه حديثنا فى تلك اللحظة إلى الأنظمة والقوى السياسية العربية, مطالبين إيها باستعادة الروح القومية المفقودة ودعم القضية الفلسطينة دعما حقيقيا وما إلى ذلك,لكننا  تنوجه بهذا النداء إلى"القوى السياسية الفلسطينية" الفلسطنيون أنفسهم, وخاصة بعد اعتداءات القدس الأخيرة, والتصريحات الدنيئة والبديئة لرئيس الوزراء الاسرائيلى"نيتانياهو" كما وصفها "محمود عباس" والتى إدعى فيها الأول أمام الكونجرس الصهيونى "أن مفتى القدس فى الاربيعينات الشيخ /أمين الحسينى هو من أفتى للنازيين بإرتكاب محرقة " الهولوكوست" ضد اليهود وأنهم لم يكونوا ينوون أبادة اليهود بل أبعادهم فقط"!!! فبات من الواجب الوطنى الان أن تقوم القوى السياسية الفلسطينية أولا: بتغيير أفكارها الاستراتيجية والتى ستغير بالتالى من سياساتها.ثانيا:تكف عن القاء المسئولية عما حدث ويحدث على العدو الصهيونى وتخادل العرب والمسلمين والقاء كل طرف فلسطينى بالمسئولية على الطرف الاخر, وأيضا المراهنة على أمريكا و الغرب وجماعات الاسلام السياسى. ثالثا:أن تنطلق من منطلق الوطنية فالقومية أوالأسلامية لابد وأن ترتكز على معنى الوطنية بالاساس (المصلحة الوطنية), والتى لها الاولوية على أى انتماءات أو أتجاهات آخرى.


أتوجه بحديثى للاهل فى فلسطين,وليس معنى ذلك أننى سأمل يوما من مطالبة المجتمع العربى حكاما وأنظمة وشعوب بدعم "فلسطين" قضية العرب, ولكننى أقرأ الاحداث  بواقعية شديدة بعيدة عن الشعارات والكلمات التى تراق, فالأمانة تحتم علي أن أفعل ذلك وأتوجه الى أهلى من الفلسطنيين و أذكرهم بما خطه إبنهم ابن فلسطين الشاعر/ محمود درويش عندما تسائل(ما هو الوطن ؟ ليس سؤالاً تجيب عليه وتمضي.. إنه حياتك وقضيتك معا).

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Fox Egypt News Magazine 2014 © جميع الحقوق محفوظة © تصميم الموقع : مجدي البروفسير