خــــابـــــور استـراتيجـــي
بقلم  : ياسر عامر...

 اكثر ما يستفزني عندما اجلس امام التلفاز واجد المقدم او المقدمه ، يقوم او تقوم بتعريف   الضيف  الوحيد او احد الضيوف ، بانه خبير استراتيجي....  يا لهوي على ضخامة الكلمة فقد تنتابني  القشعريرة من كلمة استراتيجي دي ، فالكلمة ضخمة ولها هيبة لا تكاد تستمر وتتحول لخيبة تقيله وفضيحة مدوية عندما تقترن هذه الكلمة بكلمة خبير ، ويبدأ هذا الخبير في الحديث ، وياليته ما تحدث ، فانا عادة بعد سماع اول جملتين انشغل بمترجمة لغة الاشارة الجميلة ، التي تكون بجانب الشاشة ، وما هي الا دقائق معدودة حتى اسرح ويشرد ذهني ، وتداعب الافكار الخبيثه خيالي ، واتخيل تلك الاشارات بالاصابع واللسان انها مجرد تعبيرا عن ما يقوله هذا الاستراتيجي ، فهي تخرج له لسانها عدة مرات ، وتشير اليه باصابعها فيخيل لي شيطاني انها حركات غير بريئة ، قد تكون بذيئة وقد تكون معبره عما يدور بخيالي تجاه ما اسمع من سمو الخابور اقصد الخبير الإستراتيجي ، والذي ينبري بتفسير الماء بالماء ، فعندما سؤل احد الخبراء في الماضي ما هو الماء قال ماء وقد ذكر انهم طلبوا من جحا ان يلقي خطبة عصماء فوقف وسط الجموع وقال :  اتعلمون ؟ قالوا : لا نعلم ، قال : كيف اتحدث مع قوم لا يعلمون من امرهم شيئا ؟


وفي المرة التالية سالهم نفس السؤال فقالوا : نعم نعلم فاجابهم على الفور طالما تعلمون فكلامي معكم مضيعة للوقت ، وفي اليوم التالي اتفق الناس ان ينقسموا قسمين قسم يقول نعلم وقسم يقول لا نعلم فيوقعوا جحا في ورطة ، وعندما جاء ليخطب سأل سؤاله المعتاد هل تعلمون ؟ فرد نصفهم قائلا : لا نعلم ورد النصف الأخرقائلا : نعم  نعلم فاجاب جحا : اذا على الجزء الذي يعلم ان يعلم الجزء الذي لا يعلم و انصرف ، وهكذا خطب جحا ثلاث خطب دون ان يقول شيئا فهكذا الخبير ، واغلب ما يستفزني من هذه النوعية هم خبراء الابراج وقراءة المستقبل،  والذين اصبحوا بالبلدي اكتر من الهم على القلب ، بل اصبحوا هم اكثر ظهورا وشيوعا ، وكأن البلد ناقصه تخلف ،  يعني هنلاحق من تخلف التعليم ولا الثقافة ولا الاخلاق ، لا ينقصنا سوي خبراء التنجيم الذين تفتح لهم القنوات وخدمة الإتصالات واصبحوا نجوم مجتمع ويدعون  لحضور حفلات السفارات والافراح الكبيرة جدا ، وهات يا تنبؤ وتخلف حتى سادات الخبرة المجتمع واصبح المواطنين كلهم خبراء استراتيجيين وعسكرين وأمننين ، واتذكر منذ مدة ليست بالبعيدة عندما كان لا يشغل تفكيرنا الا كرة القدم وكنا نستمع للبرامج التحليلية من نزلاء القهاوي والمارة بالشارع وفي وسائل المواصلات ، وتحس وقتها ان الشعب المصري كله خبراء كروين ، وقد سمعت خبيرا مرة يصرخ ويتوعد وناقص يقطع ملابسه على الهواء مباشرة ، ويزعم ان اسرائيل على الحدود وانها الآن على مشارف شرم الشيخ ، وحيث اني مواطنا شرماويا فلم اجد الا اسرائيلين سائحين من عرب 48 ولم اجد  جيوشا ولا غيره ، ولكنها الخبرة الإستراتيجية التي تعتمد على سياسة دق الخوابير،  كما يقوم بها مهندسي البناء لتركيب القواعد عليها ، فهم كذلك يدقون الخوابير لتركيب الجهلاء عليها فيصبح خابورا استراتيجيا  .



0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Fox Egypt News Magazine 2014 © جميع الحقوق محفوظة © تصميم الموقع : مجدي البروفسير