الملك فيصل الاول....مؤسس
الدولة العراقية
هو فيصل بن حسين
بن علي الهاشمي (20 مايو 1883- 8سبتمبر 1933) .
اصبح ملكا لسوريا
من (مارس 1920 – يوليو 1920).
واصبح ملكا للعراق
من 1921 – 1933.
كتب المحامي / سركوت كمال علي
كوردستان العراق
كان
يتقن اللغتين التركية والانكليزية وبعضا من الفرنسية عند بلغ الملك فيصل السادسة من
عمره ارسل الى قرية رحاب فمكث فيها بين ابناء عمومته واخواله ست سنوات يركب الخيل والابل
ويكر ويفر حتى اذا اعتزم والده السفر الى استانبول اخذه واخوانه معه فتعلم العربية
والتركية وبعض العلوم على اساتذة خصوصيين.
نزلوا في استانبول
بناء على اوامر السلطان عبد الحميد في قصر الوالي (فؤاد باشا) وقد خصصه السلطان لهم
وعين والده في مجلس شورى الدولة عاش الامير فيصل في العاصمة العثمانية نحو عشر سنوات
, وهناك تزوج من حزيمة وهي ابنة عمه ناصر عام
1905 .
ولدت الملكة حزيمه
عام 1885 في مكة ، وهي إبنة الشريف ناصر بن علي بن محمد بن عم الشريف
حسين ، وكانت التوأم لشقيقتها مصباح زوجة الأمير عبدالله أمير شرق الأردن . قضت الملكة
حزيمه شطرا ً من حياتها في أسطنبول عندما كانت الأسرة الهاشمية مقيمة هناك قبل أعلان
الدستور مع أشقائها الشريف حسين والشريف علي
الذين قدما الى العراق مع الأسرة الهاشمية عام 1924 بعد أستيلاء آل سعود على الحجاز .
تزوجت حزيمه من إبن عمها الأمير فيصل بن الحسين
عام 1905
، وتم هذا الزواج على وفق تقاليد العائلة المالكة وأنجبت في أسطنبول الأميرة
عزه والأميرة راجحة وعادت الى الحجاز بعد تولي الشريف حسين أمارة الحجاز، وفيه أنجبت
الأمير غازي والأميره رفيعه . وقد وصفتها المس بيل قائلة " لقد كانت الملكة حزيمه
أمرأة خجولة حساسة وذات جاذبية الى جانب ما حباها الله به من لطف وكرم أخلاق ، وكان
لها نفس الشمائل الموجودة عند الملك
" .
دفعت هذه الأوضاع أسرة الملك فيصل الأول الى التوجه
الى عمان ، إذ مكثوا بعض الوقت في الأردن
قبل مغادرتهم الى العراق ، وبعد مناقشة مواد القانون الأساسي في المجلس التأسيسي في
حزيران 1924 ،الذي أصبح بموجبه الأمير غازي
وليا للعهد ، بدأت الأستعدادات الرسمية
لأستقبال عائلة الملك فيصل الأول .
توجهت الملكة حزيمة وأولادها من عمان الى ميناء البصرة
وتشكل وفداً لأستقبال ملكة العر اق التي وصلت
في السابع من كانون الأول 1924 ، وأقيم أحتفال خاص وأعدت
زوارق بخارية زينت
بسعف النخيل والأعلام العربية وكان الوفد برئاسة بولينا حسون مؤسسة مجلة ليلى (بولينا
حسون من مواليد فلسطين عاشت في فلسطين ومصر قبل مجيئها الى العراق مع إبن عمها سليم
حسون العراقي الموصلي صاحب جريدة العالم العربي ، فهي عراقية الأب وفلسطينية الأم أشتغلت
في وزارة المعارف قبل أتخاذها مهنة الصحافة ، أستمر صدور مجلتها عامين ، غادرت فلسطين
عام 1925 )التي ألقت كلمة ترحيب بأسم السيدات
بمناسبة وصول الملكة حزيمه الى العراق . وقبل وصول الملكة أستدعى فيصل الأول سكرتيرة
المندوب السامي البريطاني(المس جرترود بلMissGertrude Bell) لتهيئة المتطلبات الخاصة لأستقبال الملكة وبقية أفراد الأسرة وساعدتها في هذه الأعمال( ليدي كورونواليس
(LaydyCornwlis زوجة مستشار وزارة الداخلية البريطاني
.
أستقرت الملكة
حزيمه وأولادها في( قصر شعشوع) ، الذي أستأجرته وزارة الداخلية للملك فيصل الأول عند
قدومه الى العراق ليتخذه مقر سكن دائم له ، وحقيقة الأمر أن القصر ليس سوى دار صغيرة لكنه جميل البناء يقع على الضفة اليسرى
من نهر دجلة في منطقة الوزيرية ، وبقيت عائلة الملك فيصل الأول في هذا القصر حتى التاسع من نيسان عام 1926عندما حصل الفيضان في نهر دجلة ، فأنكسرت
السدود
التي تقي العاصمة
وكان قصر شعشوع من جملة الأماكن التي أصيبت بأضرار فأصبحت غير صالحة للسكن ، لذلك نقلت
عائلة الملك فيصل الأول الى دار مناحيم دانيال
الواقعة على ضفة نهر دجلة اليسرى في منطقة السنك.
وفي مطلع عام 1927 أنتقلت العائلة الى السكن في مدرسة الصنائع وفي أثرذلك قرر مجلس الوزراء أنشاء قصر للملك فيصل
الأول، فقد ظل لمدة طويلة لا يملك قصرا ً حتى
عام 1933، على الرغم من مرور أثني عشر عاماًعلى توليه عرش العراق وقد صرح في حديث
الى جريدة المصور المصرية قائلا ً "لقد أنتهينا من بناء المملكة فبأستطاعتي الآن
أن أبني القصر " ، وقد سكنت الملكة حزيمه
وأولادها في قصر الحرم قبل بناء قصر الزهور ، وكان قصرا ً مبنيا ً منذ العهد العثماني
معقد البناء ، وقد سكن مع الملكة حزيمه في هذا القصر أشقاؤها الشريف حسين والشريف علي .
كانت عائلة الملك
فيصل الأول تعيش عيشة بسيطة أذا ما قورنت بحياة
الملوك المعروفة بالأسراف والتبذير ، إذ كان الملك فيصل غير مهتم بجمع المال وتكديسه
فلم يكن تحت تصرفه من السيولة النقدية ما يكفي حتى لتنفيذ بعض رغباته .وكانت بعض العوائل
العراقية الثرية تعيش حياة أكثر رفاه من العائلة
المالكة التي تعتمد في مصروفاتها على أيجار أملاكها في الحجاز التي تعهدت الحكومة البريطانية
بعدم تدخل السلطة المحلية في شؤونها وكان أرسال مبالغها عن طريق وكيل العائلة المالكة
في الحجاز محمد نصيف ، وكانت رواتب العائلة
المالكة تعبر عن روح التواضع والبساطة فكان
راتب الملكة حزيمه 476 روبية ، أما أبناء الملك فيصل فلم تتجاوز رواتبهم 180
روبية في حين كان راتب الطبيب الخاص للملك هو 500 روبية. توفيت الملكة حزيمه في السابع والعشرين من آذار
عام 1935، أثر سكتة قلبية وترك خبر وفاتها
الذي أنتشر في ذلك اليوم ألما ً لدى عامة الشعب وقد شيع جثمانها بشكل لافت للنظر ،
وحضر التشييع وزراء الدولة وعدد من الوجهاء والعلماء وعلى رأسهم الملك غازي ، وقد نعيت
الملكة في المآذن في معظم جوامع بغداد ونكست الأعلام على المباني الرسمية في حفلة الدفن
، ونقل جثمانها الى المقبرة الملكية.(1)
وفي عام 1908 غادر
الامير فيصل الاستانة الى مكة المكرمة حين عين والده شريفاً لها . عاد فيصل الى الحجاز
وقد اكتملت رجولته فادناه والده منه وولاه قيادة الغزوات التي يقوم بها لاخضاع القبائل
وتأديبها.
وفي سنة 1909 انتخب
نائباً عن لواء (جدة) في مجلس النواب العثماني فكان يذهب كل سنة الى الاستانة ليشترك
في اعمال البرلمان ويعود بعد انقضاء دورته فينظم الى والده ويساعده في ادارة منصبه
الخطير وكثيراً ما كان يمر بالقاهرة في ذهابه وايابه ليجتمع بقادتها ومفكريها ولما
ثار (محمد الادريسي) على الدولة العثمانية في نهاية عام 1911 مغتنماً فرصة اشتباكها
في الحرب مع ايطاليا وهم الذين ساعدوه وامدوه بالاسلحة اضطرب موقف الدولة في اليمن
فاستنجدت بالشريف حسين امير مكة طالبة المساعدة ضد الادريسي فلم يتردد في تلبية الطلب
وجند حملة بقيادة نجليه عبد الله وفيصل سارت من مكة الى (ابها) عاصمة عسير فطردت الادريسي
وكانوا يحاصرونها وحطمت شوكته واعيدت تلك البلاد الى السلطة العثمانية.
زار فيصل سوريا
للمرة الاولى عام 1913فقد خاف ولاة الامور الترك ان يهاجم البدو المحمل الشامي في عودته
من الحجاز الى الشام فرافقه على رأس قوة من الجند لحمايته فلم يحدث له حادث واقام مدة
في دمشق فتعرف على رجالها ومفكريها ودعاة الوحدة العربية من ابنائها مما سهل له العمل
بعد ذلك وجاء سوريا ثانية في عام 1915 في طريقه الى الاستانة وقد اختار السفر بهذا
الطريق دون البحر لان الحلفاء ضربوا الحصار على موانئ تركيا عند بداية الحرب العالمية
الاولى عام 1914 ومنعوا دخول البواخر اليها وخروجها منها لما اظهرته من ميل الى الالمان
وقد دخلت الحرب الى جانبهم بعد ذلك وبعد ان ختمت الدورة البرلمانية عاد فيصل ثانية
الى دمشق واقام ضيفاً عند (ال البكري) وقيل ان الترك ارادوا من اقامته في دمشق ان يكون
الى جانب (احمد جمال باشا) القائد العام في سوريا يومئذ فساعده في حملته على مصر وقيل
انهم ارادوا ان يكون رهينة لديهم لكي يأمنوا انتفاضة والده.
اقبل رجال الشام
ومفكروها واعيانها على فيصل يدعونه الى اقناع والده باعلان الثورة على الاتحاديين وخلع
طاعتهم وانشاء دولة عربية لما ظهر من سوء نية هؤلاء وتعمدهم اذلال العرب باعدام مفكريهم
وادبائهم والصفوة المختارة من رجالهم وبنفي اسرهم الى اقاصي الاناضول تردد فيصل في
قبول القيام بهذه المهمة ونصح رجال الجمعيات والاحزاب والمفكرين الذين حادثوه بالتأني
والتروي خوف وقوع الكارثة وخوف تمكن الاجانب من احتلال البلاد كما سعى من جهة اخرى
عند (جمال باشا) المعروف بـ(جمال السفاح) لاقناعه بالعدول عن سياسة الشدة والارهاب
والبطش واتباع خطة اللين والمسالمة وعدم شنق المفكرين الاحرار ونفي الاسرى فلم يزده
ذلك الا اندفاعاً في خطته الدموية .
غادر فيصل دمشق
في النصف الاول من شهر مايس 1916 قاصداً مكة المكرمة بطريق المدينة المنورة للاجتماع
بوالده واطلاعه على رأي السوريين ووصف حالتهم وابلاغه ما يلاقونه من عنت وارهاب وما
كان بغافل عما يجري بل كانت المكاتبات والرسائل مستمرة بينهما وكان الترك يرجون ان
يعود بسرعة على رأس جيش من عرب الحجاز ليشترك في الحملة الثانية وكانوا يعدونها للزحف
على قناة السويس ومعنى ذلك انه كان يرمي الى غرضين متناقضين من رحلته : غرض رسمي ظاهر
وهو العودة بجند للاشتراك في الحملة التركية وغرض خفي مضمر وهو وصف حالة سوريا لوالده
وابلاغه دعوة السورين الموجهة اليه لاعلان الثورة وانقاذهم.
واجتمع فيصل في
المدينة المنورة بشقيقيه (علي وعبدالله) وقضوا ثلاثة ايام يبحثون الحالة ثم سافروا
الى مكة المكرمة. اعلنت الثورة العربية بعد سفرهم في 9 شعبان 1334 هـ وقد عهد الى الامير
فيصل قيادة القوة العربية في المدينة وكانت محصنة يتولاها (فخري باشا) وفيها من العدد
والتجهيزات ما لا قبل على العرب على اقتحامها وجهز الحسين بعد اعلان الثورة جيشاً سيره
الى شمال الحجاز وعهد بقيادته الى ابنه فيصل الذي احتل (ينبع) وتوجه الى الشمال فاجتاز
الوجه ثم نزل العقبة وتقدم نحو (معان) وحاصرها وقاتل الاتراك قتالاً شديداً في الحمراء
الشام ووادي حوران حتى ابواب دمشق فدخلها فاتحاً منصوراً يوم 30 ايلول 1918.
دبر فيصل الامر
واتفق مع الحلفاء على تجنيد جيش من اسرى العرب الذين كانوا في صفوف الترك يقودهم ضباط
مدربون فتم تأليف هذا الجيش.
وفي يوم 22 تشرين
الثاني 1918 سافر فيصل بحرا من بيروت الى باريس لحضور مؤتمر الصلح دون ان يحصل على
موافقة السلطات الفرنسية في سوريا فتنكر له الفرنسيون وعرقلوا مساعيه ، وبناء على وساطة
رئيس وزراء انكلترا (لويد جورج) فقد قبل في المؤتمر وادى رسالته طالبا الاعتراف لسوريا
بالاستقلال التام ثم عاد الى بيروت وحاول ان يوحد صفوف السوريين ويحصل على تأييدهم
فلم يلق غير الجفاء وعدم الاكتراث .
سافر الى لندن
بعد ان تطورت السياسة الانكليزية الفرنسية في البلدان العربية وفي يوم 8 اذار عام
1919 نادى به المؤتمر السوري ملكا على سوريا . فاقسم يمين الاخلاص لجمعية " العربية
الفتاة " السرية.
فلما عاد فيصل
الى بيروت اتهم بممالئة الفرنسيين كما ان هؤلاء اخذوا يتربصون به الدوائر حتى زحف الجيش
الفرنسي على دمشق يوم 24 تموز 1920 يقوده الجنرال (غورو) فقوض اركان الحكومة الفيصلية
فاضطر فيصل للسفر الى (درعا) ولكن السلطات الفرنسية انذرته بمغادرتها فغادرها الى حيفا
ثم الى بورسعيد ثم الى ميلانو في ايطاليا فمكث فيها الى ان رشح لعرش العراق.
فبعد تشكيل الوزارة
العراقية الاولى سافر المندوب السامي البريطاني بيرسي كوكس الي مؤتمر القاهرة الذي
عقد للفترة من 12 الي 24 اذار 1921 يرافقه جعفر العسكري وساسون حسقيل وقائد الطيران
بحضور ونستون تشرشل وزير المستعمرات البريطاني لتقرير مصير البلاد العربية ومنها مشكلة
العراق وذلك في 22 شباط 1921 والذي تقرر فيه إنشاء حكومة عربية يرأسها ملك عربي من
البيت الهاشمي هو الأمير فيصل بن الشريف حسين بعدها عاد الوفد الي بغداد في 9 نيسان
1921.
وفي يوم 23 اب
1921 نودي به ملكا دستوريا على العراق.
واطلقت المدافع
في بغداد معلنة اعتلاءه العرش.
وكان الملك فيصل
الاول يطبق سياسة مرنة تعتمد على المساومة مع بريطانيا وهي سياسة (خذ وطالب) وكان يعتقد
بان في امكان هذه السياسة ان تؤدي في نهاية المطاف الى استقلال العراق استقلالاً تاما
لقد برهن بعد بضع سنوات من اعتلائه العرش انه ذو شخصية محترمة وخبرة سياسية وانه يمتلك
موهبة في البقاء السياسي بالرغم من الظروف الحرجة وبعد عام 1930 تناقص عدد العراقيين
الذين كانوا يشككون في اخلاص الملك فيصل الاول لخدمة بلاده وبعد حكم قارب الاثني عشر
عاما وجه ملك انكلترا الدعوة اليه لزيارة لندن فقبلها.
ولما حدث التمرد
الاثوري عاد الى بغداد للعمل على وضع حد للمشكلة ولكنه وجد ان كل شيء قد انتهى وان
الامر خرج من يده فاصابه الاضطراب الذي ادى الى فقدانه النوم وخانته شهيته فراح يتطلع
الى الراحة عن طريق الافراط في التدخين وتناول القهوة المرة لذا فانه غادر البلاد لمواصلة
العلاج ووصل العاصمة السويسرية .
وشعر الملك فيصل
بألم شديد ولما حضر الطبيب الخاص اشار على الممرضة بزرقه ابرة تحت الجلد فاستراح الملك
واذن لحاشيته بالانصراف . وفي الساعة الحادية عشرة والنصف من مساء ذلك اليوم استدعى
الملك ممرضته وطلب اليها ابلاغ الحاشية بالحضور حالاً فصعد اليه الملك على شقيقه الاكبر
ونوري السعيد ورستم حيدر وتحسين قدري فوجدوه يلفظ انفاسه الاخيرة. وكان آخر ما قاله:
أنا مرتاح، لقد
قمت بواجبي، وخدمت الأمة بكل قواي، ليسر الشعب بعدي بقوة واتحاد. ثم شهق شهقة الموت. وعلى الفور طّير نوري السعيد ورستم حيدر برقية إلى
الحكومة في بغداد وجاء فيها:
فجعت الأمة العراقية، عند منتصف الليل بوفاة سيدها
وحبيبها جلالة الملك فيصل، وذلك نتيجة نوبة قلبية.
نقل جثمان الملك
فيصل الاول من محطة (بيرن) الى (برنديزي) في ايطاليا ومنها نقلته دراعة ايطالية مجللة
بالسواد وسلمته الى الدراعة البريطانية. وصلت الدراعة حيفا ونقل الجثمان منها الى البر
حيث نقلته طائرة خاصة الى بغداد بحراسة ثلاث طائرات من القوة الجوية البريطانية في
فلسطين ومن الرطبة استقبلت الجثمان (9) طائرات من القوة الجوية العراقية حتى مطار بغداد
يوم 15 ايلول ومنه نقل الى البلاط الملكي حيث وضع على عربة مدفع وسار الموكب نحو المقبرة
الملكية التي اعدت في الاعظمية ووري التراب وفي اليوم نفسه 15 ايلول 1933.
وصدر
عن الملك غازي الاول البيان الاتي:
(الى الشعب العراقي الكريم ان عواطف الاخلاص والمحبة التي انبعثت
عن قلوب ابناء امتي على اثر الكارثة العظمى التي حلت بالبلاد بوفاة قائدها وباني كيانها
جلالة والدي المعظم تغمده الله برحمته كان لها اعظم اثر في نفسي، وفي هذه الساعة التي
يجيش قلبي فيها بآلم الفراق وبشكر الامة على عواطفها الصادقة المواسية يحق لي ان انتظر
من ابناء شعبي ان يؤازروني بكل قواهم كما آزروا والدي في جهاده وان يساعدوني على النهوض
بالمسؤولية العظمى التي القتها العناية الالهية على عاتقي وان يعملوا واياي على تمجيد
ذكرى فقيد الامة وسليل البيت الهاشمي وتطيب روحه وذلك ببذل كل ما في وسعنا في سبيل
تحقيق امانيه السامية). وبمناسبة مرور اربعين يوما على وفاة الملك فيصل الاول
اقيم في بغداد احتفال كبير شاركت فيه وفود من جميع انحاء العراق ومن مختلف البلدان
.
ماذا
قال الملك فيصل الاول عن الشعب العراقي عندما استلم لتوه عرش العراق:
أقول و قلبي ملآن
آسى…
أنه في اعتقادي
لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد، بل توجد تكتلات بشرية خيالية، خالية من أي فكرة وطنية،
متشبعة بتقاليد وأباطيل دينية، لا تجمع بينهم جامعة، سماعون للسوء ميالون للفوضى، مستعدون
دائما للإنتفاض على أي حكومة كانت، فنحن نريد والحالة هذه أن نشكل شعبا نهذبه وندربه
و نعلمه، ومن يعلم صعوبة تشكيل وتكوين شعب في مثل هذه الظروف يجب أن يعلم أيضا عظم
الجهود التي يجب صرفها لإتمام هذا التكوين وهذا التشكيل..
هذا هو الشعب الذي
اخذت مهمة تكوينه على عاتقي.
رحمك الله يا فيصل
لم تستطع ان تحقق ما كنت تتمناه لهذا الشعب فمازالوا على نفس الطبائع والاخلاق.
رحمك
الله واسكنك فسيح جناته.
شكرا على اختيار المقولة.الاخيرة في المقال للمغفور له الملك فيصل الاول .... التي هي غاية في الاهمية وتدل على روية ثاقبة لسياسي محنك .. ولكن للدقة في النقل اقول ان هذه المقولة هي جزء من رسالة وجهها المرحوم فيصل الاول الى رجال دولته في ربيع سنة 1932 اي قبل وفاته الصادمة بسنة ونصف تقريبا وليس عند استلامه لعرش العراق.. وفحوى الكلام يدل على انه قد كون فكرته عن العراق بعد تجربة ومعاناة حقيقتين مع تحديد واضح لمسوولية من يتصدى لحكم هذا البلد الصعب العظيم ... مع فائق تقديري - المصدر تاريخ العراق السياسي الحديث / عبد الرزاق الحسني
ردحذف