هـــل قتـــل المـلك غـــــــازي؟
كتب /
المحامي سركوت كمال علي
كوردستان – العراق
هو
غازي بن فيصل بن حسين بن علي الهاشمي ولد في
1912 وتوفي في 1939.
تزوج
من ابنة عمه عالية بنت علي بن حسين بن علي الهاشمي في 25 يناير 1934 ورزق بابنه الوحيد
الملك فيصل الثاني.
وسّمى
وليا للعهد في عام 1924.
وتوج
ملكا لعرش العراق في عام 1933.
وسمي غازياً تيمناً بغزوة أبيه لتأديب الادريسي الثائر على
الدولة العثمانية تتلمذ على يد إمام الملك حسين الخاص" ياسين البسيوني "ودرس
اللغة العربية والعلوم الدينية علىيد " حسن العلوي" إنتقل مع عمه الأمير
عبدالله – امير الأردن الى عمّان ، ثم تقررت دعوته الى العراق في سنة 1924وكانت تتولى
تربيته " المسز فيلي " وتعلمه اللغة الانكليزية.وفي عام 1926 سافر الى لندن
ودخل كلية هارو، وقضى فيها ما يقارب ثلاث سنوات ،ثم عاد الى العراق ، ودخل المدرسة
الحربية ، وتخرج فيها برتبة ملازم ثان ،والحقه والده بهيئة المرافقين العسكريين في
البلاط الملكي.
وعند وفاة الملك فيصل الاول سارع الملك غازي بالاتصال بالسفير
البريطاني (فرانسيس همفريز) وطلب منه ان يمد له يد المساعدة. وعلى اثر طلب (غازي) اتصل
السفير بـ(ياسين الهاشمي) ونصحه بأتباع الاصول الدستورية. واعلان ولي العهد الامير
(غازي) ملكا باليوم نفسه. وفي احتفال بسيط يحضره الوزراء ورئيسا مجلسي (الاعيان والنواب)
ليقسم امامهم اليمين الدستورية ثم يعلن خبر تتويجه على الناس باطلاق (101) اطلاقة مدفع.
وتستقيل الوزارة ويعاد تشكيلها. وهذا ما تم فعلا فقد اجتمع مجلس الوزراء وقرر تتويج
“غازي” باسم “غازي الاول ملك العراق بعد ان ادى امام المجلس اليمين” “المحافظة على
احكام القانون الاساسي واستقلال البلاد والاخلاص للوطن والامة” وفي مساء اليوم نفسه
سلم رئيس الزوراء “رشيد عالي الكيلاني” كتاب استقالته الى الملك وقد طلب اليه الملك
تأليف وزارة جديدة. ثم توجه الملك يوم 11/ايلول لأداء اليمين مرة اخرى امام اعضاء مجلس
الامة لاستكمال الشروط الدستورية لتتويجه.
شهد عهده صراع بين المدنيين والعسكريين من الذين ينتمون إلى
تيارين متنازعين داخل الوزارة العراقية، تيار مؤيد للنفوذ البريطاني وتيار وطني ينادي
بالتحرر من ذلك النفوذ حيث كان كل طرف يسعى إلى الهيمنة على مقاليد السياسة في العراق.
فوقف الملك غازي إلى جانب التيار المناهض للهيمنة البريطانية حيث ساند انقلاب بكر صدقي
وهو أول انقلاب عسكري في الوطن العربي، كما قرب الساسة والضباط الوطنيين إلى البلاط
الملكي فعين الشخصية الوطنية المعروفة (رئيس الوزراء لاحقاً) رشيد عالي الكيلاني باشا
رئيسا للديوان الملكي.
نادى لتحرر الأقاليم والولايات العربية المحتلة التي كانت
متوحدة تحت حكم الدولة العثمانية ودعا إلى إعادة توحيدها تحت ظل دولة عربية واحدة،
، والوقوف إلى جانب فلسطين التي كانت تحت الاحتلال البريطاني والتي كانت في حالة حرب
داخلية بسبب تعرضها لهجرات واسعة من المستوطنين اليهود من كافة أرجاء العالم ووقوف
القوى الوطنية الفلسطينية بوجه هذه الهجرات، فوقف إلى جانب قادة الثورة الفلسطينية
كعزالدين القسام ومفتي القدس الحاج أمين الحسيني.
يقول جيمس موريس: «إن الملك غازياً كان أول ملك هاشمي لايحب
الإنكليز، ولم يكن يحمل أدنى شعور بالصداقة لهم، ولذلك كان من أكثر الملوك الهاشميين
شعبية في قلوب الجماهير».
وكان عصر الملك غازي عصر الديكتاتوريات العسكرية في إيران
وتركيا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا، وكان الناس يرون أن الملك غازي قادر بوساطة القوة
العسكرية على تحدّي الإنكليز وعملائهم في العراق.
الا ان شعبية الملك
غازي ازدادت بعض الشيء، عندما ابدى تعاطفه مع مشاعر الشعب العراقي مؤيداً للمقاطعة
الشعبية التي أعلنت بوجه شركة الكهرباء الانكليزية، التي أبت تخفيض أجور الكهرباء في
بغداد، حيث استخدم في البلاط اللوكسات بدلاً من الكهرباء وذلك في تشرين الثاني
1933، فضلا عن ذلك كان الملك غازي خلال اتصاله
بالناس عند زيارته لبعض الأماكن العامة، أو افتتاحه لبعض الاعمال، أو وضعه حجر الأساس
لبعض المباني، أو رعايته لبعض الجمعيات الخيرية والإصلاحية، يظهر في تعامله معهم أقصى
حدود الاهتمام والتواضع، إذ كان يقود سيارته بنفسه ويسير بين الناس، حتى انه كان يحتج
عندما خصصت الحكومة مجموعة من الشرطة لابعاد أي مكروه عنه، لأنه كان يريد ان يكون لقاؤه
بالناس بعيدا عن التكلف. وبتلك الروحية كان يستمع إلى شكاوى الناس واحتياجاتهم فيساعدهم
احياناً من جيبه الخاص، فأصبح له لذلك كله وقع خاص في نفوس العراقيين، حتى صاروا يحسون
بان مليكهم يعكس طابعهم حسب التعبير الموفق للمؤرخ لطفي جعفر فرج.
قام بكر صدقي يوم 29 تشرين الأول 1936 بأول انقلاب عسكري
في تاريخ العرب الحديث، وفرض حكمت سليمان لرئاسة الوزارة، فكان له ما أراد، ووعد بالقضاء
على الفساد المنتشر بالبلاد، وهرب نوري السعيد على طائرة حربية بريطانية إلى القاهرة.
وقوبل الانقلاب بحماس جماهيري منقطع النظير.
وعلى الرغم من اغتيال بكر صدقي في مطار الموصل بعد عشرة شهور
من انقلابه؛ إلا أن الجيش بقي هو الآمر الناهي في العراق، فهو الذي يسقط الوزارة، ويُعيّن
غيرها، لكن جو الحرية كان المسيطر على العراق أيام الملك غازي، مثلما كان الأمر في
عهد والده الملك فيصل.
في الأول من تشرين الثاني 1938، افتتح الملك غازي مجلس الأمة
في جلسة مشتركة حضرها الاعيان والنواب معاً،وبعد ان أوضح الملك علاقات العراق الأخوية
وصلاته الحسنة مع الدول الأجنبية السائرة على أسس المودة والصداقة، بيّن الملك أن
"من دواعي ارتياحنا ان يتمتع شعبنا بحياة هدوء واطمئنان، وان تعتمد حكومتنا على
ما أولاها من ثقة وتأييد لتنصرف إلى القيام بمهامها الأساسية، ونشر لواء الأمن في البلاد
حتى ما كان منها محروما من ذلك بسبب الظروف القاسية،وان حكومتنا لم تأل جهداً في تأمين
وتعميم وسائل الصحة والرفاه في إنحاء المملكة قدر الامكان"
وقد تناوب على رئاسة الوزارة في العراق في عهد الملك غازي
كل من: رشيد عالي الكيلاني، وجميل المدفعي الذي شكل الوزارة أربع مرات، وطه الهاشمي،
وحكمت سليمان، وأخيراً نوري السعيد الذي استقال بُعيد وفاة الملك في 6 نيسان 1939.
توفي الملك غازي عندما كان متوجهاً إلى قصره في الحارثية،
وهو يقود سيارته الرياضية بأقصى سرعة، فاصطدمت بعمود للكهرباء قرب القصر فوقع العمود
على رأسه، فحطم جمجمته، وتوفي في المستشفى بعد ساعات، وعمت العراق والعالم العربي موجة
حزن طاغية، واتَّهمت إذاعة برلين العربية بريطانيا بتدبير الحادث لعداء الملك غازي
للإنكليز والصهيونية والاستعمار، وقامت المظاهرات في الموصل، وقُتِلَ القنصل البريطاني
فيها، وظل الناس يتناقلون سيرة غازي ردحاً طويلاً من الزمن.
ذكرت التقارير الرسمية تفاصيل الحادث على اساس ان الملك كان
قد ترك مقر اذاعته الملاصق لقصر الزهور متوجها الى دار استراحته الخاص المسمى “قصر
الحارثية” الذي يبعد مسافة كيلو متر عن قصر الزهور ومعه خادمه الخاص (عبد سعيد) وملاحظ
اذاعته (علي بن عبدالله) بعد ان استلم نداء تلفونيا في ساعة متأخرة من ليلة 3/4 نيسان
1939 وعند الانحناء الموجود في الطريق انحرف عن خط سيره واصطدم في عمود الكهرباء الموجود
على الجانب الايمن فسقط العمود على رأسه مسببا وفاته بعد ان نقل الى (قصر الحارثية)
الذي كان اقرب مكان لوقوع الحادث وان اصطدامه وقع في حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف
وقد كانت وفاته في الساعة الثانية عشرة والاربعين دقيقة من ليلة 3/4 نيسان 1939 بعد
ان يئس الاطباء من علاجه!.
الا ان الدكتور صائب شوكت/ الذي كان من بين الاطباء الذين
استدعوا لفحص الملك يقول: “وصلت الى قصر الحارثية ورأيت الملكة عالية والامير عبدالاله
وبعض الوزراء وبعض افراد الاسرة المالكة وعددا من المرافقين والخدم فبدأت افحص الملك
الذي كان فاقدا للوعي. واذا بيدي تغور في مؤخرة رأسه وعندما سئلت عن رأيي اخبرتهم بان
من الواضح انه مضروب بـ(هيم) من الخلف ادى الى كسر الجمجمة وتمزيق المخ وانه سوف لن
يعيش اكثر من دقائق معدودة. وقد علمت من الملكة عالية انها لا تعرف اكثر من ان صباح
بن نوري السعيد طلبه بواسطة التلفون فترك قصر الزهور متوجها الى قصر الحارثية، اما
الامير عبدالاله فقد حاول ان يقنعني بان اشهد ان الملك غازي فارق الحياة بعد ان اوصى
له بان يكون وصيا على ولده من بعده. فرفضت ذلك.. فقال لي: “لا حاجة اليك فهناك راجحة”.
وهناك شهادات كثيرة تؤكد بان الملك غازي مات مقتولا من قبل
خادمه.
ودفن الملك غازي في المقبرة الملكية يوم 5 نيسان 1939.. ويرقد
في هذه المقبرة حاليا والدة الملك فيصل الاول وعمه الملك علي وزوجته الملكة عالية ووالدتها
الملكة نفيسة وابنتا عمه الاميرة جليلة والاميرة عابدية وابنه الملك فيصل الثاني وجعفر
العسكري ورستم حيدر.
0 التعليقات:
إرسال تعليق