إنتهــى عصـــر الخـــــلافـــــة يـــا رجــــب

بقلم / هبـه عبد العـزيـز....

على شواطئ البسفور راح  ينشد بعض الراحة لجسده المتعب جراء يوم عمل شاق, فإختطفه النوم عنوه, وبفعل المكان راح فى سبات ما بين الواقع والخيال, هم منتفضا على أصوات النفير, ومن يوخذه  بطرف سيف, أنت فى حضرة سلطان الأرض وسيد البحار, أنت فى حضرة السلطان "سليم الأول" خليفة المسلمين والحاكم بأمر الله, وتحت أقدام الخليفة وضعوه, أنتفض جسده رعبا, وتلعثمت كلماته خوفا, لم يستطع أن يتمالك نفسه, فإذا بالسلطان يضع يده على كتفه, مطمئنا له أمره, بالنهوض شاورا له بيمينه ناحية البسفور قائلا: هذا أسطول الخلافة ومفتاح قوتها يا "رجب" به فتحنا العالم, ثم أشار لسيفه  قائلا: وبهذا حكمناه!

  إنتفض الرجل من سباته  فزعا متلفتا يمينا ويسارا, ماددا نظرة ناحية البسفور, لا يجد شئ سوى القلعة, وعندها تذكر أولى زياراته  لواشنطن, وكيف أحتفى به هناك, وكيف قدمه صديقه " ريتشارد بيرل" أحد رموز المحافظين الجدد كأول رئيس حكومة إسلامية تركية منذ عشرينات القرن الماضى, تلك الحكومة التى يفترض لها أن ستقود تركيا الجديدة إلى قيادة الشرق الأوسط.

 وبعد مرور بضع سنين على أعتلاء "رجب طيب أردوجان" مقاليد الحكم فى تركيا, كانت قد بدأت ثورات الربيع العربى تهز عواصم  الديكتاتوريات العربية,  وبالأخص منها من رفعت شعارات القومية العربية وحلم بالوحدة بين بلدانها وفى القلب منها القاهرة. وحينما بدأ وصول تيار الإسلام السياسى للحكم بدأت الفكرة تختمر فى عقل "رحب" فتقمص شخصية السلطان, وأخذت تطارده على مشهد الأحداث, خاصة وأن تيار الإسلام السياسى صار يتخذ من تركيا وحزب العدالة والتنمية  قدوة وسند له فى مواجهة خصوم الداخل والخارج, فتم توقيع الإتفاقيات التجارية, وفتحت أمامهم الأسواق العربية بدون حساب, أيقن و قتها "رجب" أن قواعد اللعبة قد تغيرت, وأدواتها صارت مختلفة, فأسطول الخلافة ومفتاح قوتها صار تيار "الإسلام السياسى", و سيفها الخاضع هو"إقتصاده".

فراح الرجل من القاهرة و أمام وزراء الخارجية العرب ينادى بالمطالب المشروعة للشعوب, وأنه لا ينبغى قمعها بالقوة,  وأن يكون شعار دول المنطقة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان, راح يغازل الشعوب العربية مغازلة تؤدى إلى إستحواذ تيار "الإسلإم السياسى" على مفاصل الدول ومصادرتها لهم, خاصة وحالة الفراغ السياسى تسود المنطقة بعد ترهل الانظمة,وانتشار الفساد وتفشى ظواهر الضحيج بين الصفوة من الرموز.
فتمددت تركيا فى المنطقة العربية سياسيا بأقل تكلفة يمكن أن تتحملها لإستعادة الدور التركى القديم فى الشرق الأوسط والمجال الجغرافى, لذا يمكنها أن تلعب فيه دون صدام مع طموحات القوى الكبرى,  ظلت تركيا طوال الأعوام الماضية تتدخل فى شئون دول المنطقة, عبر و كلائها من قوى الإسلام السياسى, ودول خلعت عن نفسها عبائة  الوطنية  والعروبة,  أثارت الفتن وأشعلت نيران الحروب.

ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن,  ويصدم "رجب" بثورة الشعب المصرى على قوى الإسلام السياسى, وبالأخص "الإخوان المسلمين" الفكرة الأم  لحزبه, ومن بعده  يسقط أيضا  الشعب التونسى قوى الإسلام السياسى فى الإنتخابات,  ويسقط الشعب الليبى كدلك  "الإخوان المسلميين" و تتشكل الحكومة الليبية فى بنى غازى, كما يصمد نظام " بشار الأسد"  فى سوريا برغم الكم الهائل من الدعم التركى للمعارضة المسلحة,  فصار "رجب"  أمام خيارات تزداد صعوبة ويغرق فى الوحل السورى, وبدأت الكوابيس تداهمه داخل عقر داره و يخفق فى أن ينال الأغلبية التى تؤهله لتشكيل حزبه للحكومة منفردا, مما يهددة بفقدان أحلامة فى تكوين نظام رئاسى للدولة, فباتت تركيا اليوم وبعد سنوات من الأمن والإستقرار والرخاء الإقتصادى و بفعل أحلام "أردوغان" تتدحرج من على قمة جبل الأحلام إلى مستنقع الوحل السياسى, فيجد "رجب" نفسة مضطرا لتغيير قواعد اللعبة, فيشعلها حربا على الأكراد بحجة مواجهة "داعش"  ليستنهض "القوميين الأتراك" و يحظى بتأيدهم إما فى حكومة إئتلافية أو جر البلاد إلى إنتخابات يحظى فيها بدعم أكبر من الشعب التركى بطوائفه المختلفة.

وهكذا فإن الحقيقة لا يمكن أن تستند إلى أحلام وآوهام شخص,  فالمقبول والمعقول هو أن القوة الحقيقية هى للذين يملكون المصلحة الحقيقية,  لأن مؤشر صعود وهبوط الدول لا يقتضى إلا فتح كتب التاريخ,  لانه يخبرنا بقدر ما يريد و ليس بقدر ما نرغبه.

ومضة:

ورحم الله المفكرالكبير وأحد رواد النهضة و الفكر القومى عبد الرحمن الكواكبى الدى قال: ( من أقبح أنواع الاستبداد, أستبداد الجهل على العلم, وأستبداد النفس على العقل.


0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Fox Egypt News Magazine 2014 © جميع الحقوق محفوظة © تصميم الموقع : مجدي البروفسير