FOX EGYPT NEWS 

تشهد الفترة الراهنة إجراءات ومبادرات تدشن روسيا من خلالها تواجد قوي لها في المنطقة غير معهود منذ تفكك الاتحاد السوفيتي، معتمدة على الفراغ والفشل المتتالي لإدارة باراك أوباما في التعاطي مع قضايا المنطقة وأنظمتها، بداية من “الربيع العربي” وانتهاءً بتنظيم الدولة الإسلامية وامتداده على خارطة المنطقة من العراق شرقاً وحتى جنوب الصحراء الكبرى غرباً. وأخر دلائل ذلك توجه عدد من قادة الدول العربية إلى موسكو هذه الأيام، وفي أجندتهم المشتركة قضايا الأزمة السورية والوضع المنهار في ليبيا والحرب في اليمن ومواجهة داعش، التنظيم الذي أفرد له أوباما العام الماضي إستراتيجية تهدف القضاء عليه، ليمر عام دون أن يتراجع التنظيم أمام التحالف الذي تقوده واشنطن بما يتوازن مع القدرة والقوة والدول المشاركة التي حشدت من أجل الهدف، مما جعل الانتقادات توجه للإدارة الأميركية من حلفاءها قبل خصومها، وخاصة وأن الإستراتيجية المشار إليها اتضح أنها تخضع للمساومة والمفاضلة من جانب حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وعلى رأسها السعودية وإسرائيل وتركيا، على أساس استثمار وتوظيف ظاهرة داعش لا القضاء عليها حسبما اقتضت وفعلت الإستراتيجية الدفاعية الموازية التي فرضتها إيران على سبيل المثال في العراق وسوريا ولبنان.


ومع قرب دخول إدارة أوباما إلى مرحلة اللافعل، والتي يسميها الساسة والمحللين الأميركيين بفترة “البطة العرجاء”، والتي هي عبارة عن أخر عام في حكم رئيس الولايات المتحدة الذي لا يصبح لديه القدرة أو يكون في مخطط إدارته إنفاذ قرارات كبيرة وإستراتيجية يتطلب مدى تنفيذها سنوات، وبالتالي يكون هم الرئيس وإدارته وضع اللمسات الأخيرة على ما يعتبرونه انجازات مهمة تمت في عهد إدارته، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي. وهنا نجد أن الإدارة الأميركية الحالية تضع على أولوية هذا السياق المتعلق بالقرارات أو الانجازات التي عملت عليها طيلة سنوات حكم أوباما الخارجية هي تمرير الاتفاق النووي الإيراني في الكونجرس الأميركي. وذلك بموازاة مداراة على فشل إستراتيجية محاربة تنظيم داعش، سواء على أرض الواقع أو عن طريق نظم حملة دعائية تبرر هذا الفشل تحت ادعاءات كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر صعوبة التنسيق مع حلفاء واشنطن في المنطقة الذي لها مآرب أخرى يرجون تحقيقها أو بالأحرى أن تحققها واشنطن لهم، مثل السعودية التي تريد أن تدعمها الولايات المتحدة أمام إيران وأن تخوض واشنطن بدلاً منها هذه الحرب، وهو الذي لم يحدث في ظل الانفراجة النووية الأخيرة، أو تركيا التي تريد ضمانات ضد الأكراد وأطماع أخرى في العراق وسوريا مقابل الانخراط في التحالف والإستراتيجية الأميركية.  لذا رأينا المسئولين الأميركيين خلال الشهور القليلة الماضية يمهدوا بأنه لا حل قريب فيما يخص داعش، وأن مسألة كيفية القضاء على التنظيم بالكامل والعمل على ذلك ملف مؤجل للرئيس الأميركي القادم، وأنه حتى انتخاب هذا الرئيس العام القادم فنحن في مرحلة تسويف ومماطلة متبادلة بين واشنطن وحلفاءها، والدليل على ذلك هو مسألة استخدام التحالف والولايات المتحدة لقواعد في تركيا ومنها قاعدة انجرليك الاستراتيجية التي تعد من أحد قواعد حلف الناتو، وهي المسألة التي دخلت أنقرة وواشنطن من أجلها مفاوضات نجم عنها اتفاق يتيح للأخيرة استخدامها بصلاحيات أوسع من كونها عضو في الناتو، وهو الأمر الذي رحب به المسئولين العسكريين والسياسيين في البلدين.




ولكن على الجهة المقابلة من هذا الترحيب، نشر مجلس العلاقات الخارجية مقالاً للباحث والمحلل العسكري الأميركي المتخصص في سياسات منع نشوب الصراعات والتخطيط العسكري وسياسة الأمن القومي، ميكا زينكو، شكك فيه في الترحيب السابق بأهمية قاعدة انجرليك بالنسبة للحرب ضد داعش، مؤكداً أن قبل انجرليك وبعدها لا يزال تنفيذ شعار “تدمير داعش” بعيداً عن الواقع. وفيما يلي نص المقال:

في 22 يوليو الماضي، وبعد أشهر من المفاوضات، وافقت تركيا أخيرا على السماح للولايات المتحدة باستخدام قواعدها، وأهمها قاعدة انجرليك الجوية، لتنفيذ طلعات جوية هجومية بطيار أو بدون ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”.


قبل ذلك كانت تركيا وبدعوى السيادة على أراضيها، لم تكن تسمح إلا باستخدام القواعد في عمليات المراقبة وطلعات الطائرات بدون طيار والبحث والإنقاذ. ولذلك يتسم هذا التطور الأخير بأنه “تغير قواعد اللعبة” بكلمات مسئول رفيع المستوى في إدارة أوباما. لاسيما أن ذلك سيزيد من القصف المكثف لـ”الدولة الإسلامية” في شمال سوريا بدلاً من التحليق من حاملات الطائرات أو قواعد الخليج الفارسي. فتحليق الطائرات من قاعدة انجرليك يزيد بشكل كبير من حيز الوقت لضربات الطائرات التي تتسكع فوق الأراضي التي تسيطر عليها “الدولة الإسلامية” وربما توفر الدعم الجوي لقوات المعارضة المدعومة من التحالف على الأرض، بما في ذلك المتمردين الذي دربهم البنتاجون ودخلوا سوريا في يوليو الماضي.
















وفي الخامس من الشهر الجاري بدأت الولايات المتحدة شن ضربات بطائرات “ريبر” بدون طيار من قاعدة انجرليك على أهداف داخل سوريا. وبعد أربعة أيام، تم نشر ست مقاتلات إف16 وثلاثمائة من أفراد الدعم قدموا من قاعدة أفيانو بإيطاليا إلى انجرليك، بالإضافة إلى أنه هناك أيضا عدد غير معروف من طائرات التزود بالوقود في الجو. وفي 12 من الشهر الحالي بدأت الولايات المتحدة بتوجيه طائرات إف16 من قاعدة انجرليك لمهاجمة مسلحي “الدولة الإسلامية” ومناطق تمركزهم ومعداتهم في سوريا. وفي أواخر الأسبوع الماضي وصف العميد كيفن. جي كيلا، رئيس هيئة الأركان المشتركة لقوة المهام المشتركة لعملية الحل المتأصل  وف الوصول لاتفاق بشأن انجرليك بـ” أنها رائعة كموقع استراتيجي بالنسبة لنا للإقلاع منه لدعم جهود مكافحة داعش في سوريا والعراق (..) التوسع في استخدام قاعدة انجرليك بخصوص العمليات الجوية في سوريا سيثبت مضاعفة الأثر في ساحة المعركة، سواء فيما يخص المقاتلات أو الطائرات بدون طيار أو كارتكاز للمقاتلين وإعادة التزود بالوقود جواً القادمة من تركيا سيكون له أثار مدمر ضد أهداف داعش”.


إلا أنه وعلى عكس التصريح السابق فأنه في المدى الزمني منذ أن استطاعت الولايات المتحدة الحصول على صلاحيات واسعة في انجرليك، والآثار المدمرة ضد الدولة الإسلامية لم تكن واضحة. فتركيا يجوز لها وضع قيود على مسألة أي قوة معارضة على الأرض يمكن للولايات المتحدة أن تدعمها، فالمتحدث باسم وزير الخارجية التركي قال أن: “دعم وحدات حماية الشعب (يو بي جي) ليست واحدة من عناصر الاتفاق”، في حين قال المتحدث باسم وزارة الخارجية قال في وقت سابق بيومين عكس ذلك: “(يو بي جي) استفادت بالفعل من الدعم الجوي التحالف”. بالإضافة إلى أنه قد يكون هناك أيضا تقليص للأهداف متوفرة لـ”الدولة الإسلامية التي تم وضعها في جدول عمل طائرات الإف16 و”الريبرز” ليقصفوها. وأخيراً وبعد عدد محدود من الضربات منذ 23 يوليو انطلاقاً من انجرليك، فأنه على ما يبدو لم تقدم تركيا نفسها على أي ضربات إضافية ضد داعش في سوريا.



وأيا كانت الأسباب، تظهر البيانات –مثلها مثل غيرها من التحسينات الإضافية التكتيكية المزعومة للحرب ضد الدولة الإسلامية- أن الوصول إلى قاعدة انجرليك لم يكن لـ”تغير قواعد اللعبة” بالنسبة لتحالف القوة الجوية ضد داعش بما فيهم الولايات المتحدة، حيث كان هناك عدد أقل من الضربات الجوية في سوريا في الأيام الثلاثة عشر بعد إتاحة انجرليك كقاعدة انطلاق لهذه الضربات. فالهدف الاستراتيجي المعلن وهو “تدمير الدولة الإسلامية” غير واقعي وأبعد ما يكون عن حيز التنفيذ.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Fox Egypt News Magazine 2014 © جميع الحقوق محفوظة © تصميم الموقع : مجدي البروفسير