أمين عام جامعة الدول العربية يندد بممارسات الاحتلال الاسرائيلي الهمجية  بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطينى
تقرير : ايمان عبد الرؤوف


يأتي اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني كل عام مذكراً للعالم بتاريخ النضال الطويل لهذا الشعب ومُجسداً لمعاناته التي مرَّ عليها أكثر من نصف قرن لم تشهد لها البشرية مثيلاً في القهر والتعسف والظلم والاحتلال، وها هو يوم التضامن الذي حدّدته الجمعية العامة للأمم المتحدة يأتي مُذكّراً بالمظلمة التاريخية التي وقعت على الشعب الفلسطيني في مثل هذا اليوم من عام 1947 عندما صدر القرار الجائر بتقسيم أرضه على غير إرادته، كما يأتي مؤكداً على حقه المشروع في تقرير المصير وإقامة دولته المُستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

يجيء الاحتفال هذا العام في خضم حراك سياسي ودبلوماسي سبق أن أطلقه فخامة الرئيس/ محمود عباس على هامش الدورات السابقة وكذلك الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة سواء بالتقدم بطلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة وبالانتصار التاريخي الذي تحقق بالحصول على مركز دولة غير عضو لها صفة المراقب في الأمم المتحدة، وأخيراً بالنجاح في رفع علم دولة فلسطين إلى جانب أعلام الدول الأعضاء الأخرى بالأمم المتحدة، وتأتي هذه الخطوات الهامة في إطار حملة فلسطينية سياسية ودبلوماسية مدروسة وناجحة وبدعمٍ عربيّ كامل، هدفها إثبات الحق الفلسطيني في الاعتراف الكامل بدولة فلسطين، وهو ما يتفق تماماً مع ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ومع مبدأ حل الدولتين المُهدد في ظل استمرار الانتهاكات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني وتعمّد إسرائيل – القوة القائمة على الاحتلال- بتجاوز كل الحدودَ ومخالفتها الجسيمة لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني بانتهاكاتها وممارساتها الصارخة والمخالفة لكافة المواثيق والأعراف والشرعية الدولية.


لقد اصطدمت الدعوات العربية والدولية بإطلاق عملية السلام بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني بسياسة الحكومة الإسرائيلية ببناء المستوطنات غير الشرعية وفق القانون الدولي، وبعدم الاستجابة لدعوات العودة إلى طاولة المفاوضات وتحقيق السلام المنشود، وبالرغم من توافق المجتمع الدولي على حل الدولتين لتحقيق التسوية السلمية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والمتصلة وذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وبينما يسعى العالم لتحقيق السلام العادل، تشهد الأراضي الفلسطينية المُحتلة تطورات خطيرة وحالة من الغليان في الفترة الاخيرة، يُمارس خلالها الاحتلال الإسرائيلي ضد أبناء الشعب الفلسطيني القمع بأبشع صوره مما أدى الى استشهاد العديد من أبناء الشعب الفلسطيني اغلبهم من النساء والأطفال، وأصدرت الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة قراراتٍ عنصرية تسمح للمستوطنين المتطرفين ولجيش الاحتلال الإسرائيلي بقتل الفلسطينيين واستخدام الرصاص الحيّ ضدهم، وتنفيذ الإعدامات الميدانية بحق الأبرياء الفلسطينيين من النساء والأطفال وهو ما يزيد من وتيرة الإرهاب الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين المتطرفين، ناهيك عن الاستمرار فى حصار غزة بما يخالف القواعد الدولية ذات الصلة.

السيدات والسادة، وفي ضوء هذه الأحداث المأساوية، وفي غياب الحل العادل المطلوب هناك قرارات من الأمم المتحدة ومن مجلس الأمن ولها هذا الإلزام ومن الجمعية العامة تغطى جميع أوجه النزاع وتنفيذها يؤدى إلى تحقيق الحل العادل ولكنها لا تنفذ، يبقى توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني ضرورة مُلحة في ظل الخطر الذي يتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني جراء الاحتلال وآلته العسكرية، كما يبقى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية المُحتلة هو التحدي الأكبر أمام المجتمع الدولي لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة والعالم، إضافةً إلى أن هذا الاحتلال يُمثل سبباً رئيسياً في انتشار الجماعات الإرهابية والفكر المُتطرف في المنطقة، وذلك نتيجة لعدم التوصل إلى حل عادل ودائم وفق مبادئ الشرعية الدولية ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة، وقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية.


السيدات والسادة، إن ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية المُحتلة بما فيها القدس الشرقية يمثل مخالفات جسيمة لقواعد القانون الدولي وجميعها إجراءات باطلة ولاغية، وعلى المجتمع الدولي وخاصة مجلس الأمن واللجنة الرباعية الدولية والأطراف الفاعلة وخاصة الولايات المتحدة تحمل مسؤولياتهم التاريخية ووضع حد لعملية المراوغة والمماطلة التي تتعامل بها الحكومة الإسرائيلية اليمينية المُتطرفة واستمرارها في إجراءاتها الأحادية غير القانونية لتهويد مدينة القدس الشرقية المُحتلة وهدم المنازل وتغيير معالمها وأسماء شوارعها ومواقعها وتهديد المسجد الأقصى المبارك بانتهاكات يومية وتغيير تركيبة المدينة الديمغرافية وتزييف تاريخها وتراثها الإسلامي والمسيحي.

لابد من الانتقال من مرحلة الإدانة والمواقف الاحتجاجية والتغاضي عن الانتهاكات الإسرائيلية إلى مرحلة الضغط الفعلي واتخاذ المواقف العملية والجادة لمواجهة السياسات الإسرائيلية وتجاهلها لكافة القوانين والمواثيق الدولية، إذ أن الاحتلال يسابق الزمن لفرض أمر واقع على الأرض يغير حقائقها وشواهدها ويقوّض الإمكانية الواقعية لقيام دولة فلسطينية مُستقلة.

السيدات والسادة، رغم الجهود التي بذلها الجانب الفلسطيني وبدعم من الدول العربية لأكثر من عشرين عاماً بهدف إيجاد مخرج من المأزق الحالي، فان كافة الأبواب أصبحت مغلقة، مما يستدعي مواجهة المواقف الإسرائيلية المتطرفة والمتعنتة والتي تجعل من الصعوبة بمكان العمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

لقد أصبح من المؤكد أن استمرار إسرائيل في الاستيطان وانتهاكاتها اليومية في الأراضي الفلسطينية المُحتلة واعتقال آلاف الفلسطينيين، وحصارها الظالم على قطاع غزة إنما يعكس انعدام وغياب الإرادة السياسة الحقيقية للحكومة الإسرائيلية اليمينية المُتطرفة برئاسة "بنيامين نتنياهو" الذي أعلن عدم قبول حل الدولتين ورفض إقامة دولة فلسطينية مُستقلة، وصرّح بأن مبادرة السلام العربية التي تحظى بالدعم والتأييد الدولي "خلف ظهره"، يُبدد أي أمل بالدخول في مفاوضات جادة تتعامل مع كافة قضايا الوضع النهائي استناداً إلى الشرعية الدولية ومرجعياتها الثابتة ضمن إطار زمني محدد وبعيدا عن الحلول الجزئية والمرحلية والمؤقتة، وهو ما يُحتّم على المُجتمع الدولي تحمل مسئوليته في تحقيق السلام وإنفاذ قرارات الشرعية الدولية.

السيدات والسادة، لم يعد من المقبول أن تظل القضية الفلسطينية دون حل لذلك يجب السعي وطرق جميع الأبواب للوصول إلى تحقيق السلام العادل والشامل المتمثل بإقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة. كما يجب إبراز أن السياسة الإسرائيلية العنصرية التي تستند إلى الاحتلال والهيمنة وتطبيق نظام الفصل العنصري - يجب أن تتوقف، فإسرائيل فى عالمنا المعاصر هى آخر معاقل العنصرية والابارتايد، وقد آن الأوان ان ينال الشعب الفلسطيني جميع حقوقه المسلوبة وان يبدأ ببناء وطنه وأن ينعم بسلام وأمان كبقية شعوب العالم وأن يعيش حرا فوق أرضه ووطنه، وفي اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني نُجدد تضامننا مع كفاحه العادل ودعمنا لمسيرته المظفرة لتحقيق حقوقه في الحرية والاستقلال، ونهيب بكافة قوى العدل والسلام والحرية مضاعفة جهودها لدعم هذا النضال وانتصاره.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Fox Egypt News Magazine 2014 © جميع الحقوق محفوظة © تصميم الموقع : مجدي البروفسير