بقلم الدكتورة صفاء الدين بهجت


انخفـــاض مستــوي الوعــي الصحـي بين طــــلاب الجامعــــة

بحث اكاديمي وميداني للدكتورة  صفاء محيي الدين بهجت

 للصحة أهمية كبيرة في حياة الأفراد ، وهي الوجه الآخر للحياة فبالصحة تزدهر الحياة وتنمو وتتطور ، أما إذا غابت الصحة اضمحلت الحياة وخبت . وتقع مسئولية الحفاظ على الصحة على الأفراد في المقام الأول ، فالفرد يستطيع أن يبدي أنماطاً سلوكية صحية تهدف إلى تنمية وتطوير طاقاته وبالتالي يجنب نفسه الإصابة بالكثير من الأمراض الجسمية والنفسية .

ويشير الأدب التربوي إلى أن العلاقة بين الصحة والتربية علاقة قوية وحتمية ، وأن التعليم في المجتمعات الديمقراطية له أهداف يسعى إلى تحقيقها ، ومن هذه الأهداف تحقيق الذات واكتساب الثقافة الصحية والعادات الصحية السليمة وحماية الصحة الشخصية والصحة العامة ، وكذلك تحقيق العلاقات الإنسانية السوية من خلال احترام الإنسانية والتأكيد على قيم الحق والعدل واتباع السلوك المهذب والتعاون مع الغير وتقدير الحياة الأسرية وغير ذلك .

ومن المؤسسات الهامة المسئولة عن نشر الوعي الصحي المؤسسات التعليمية فالمدرسة والمعهد والجامعة كلها مؤسسات مهمتها تربية النشئ في مختلف مراحل التعليم وتشمل هذه التربية العقل والجسم ، وبدون مساعدة المؤسسات التعليمية يصعب على المؤسسات الصحية والاجتماعية الأخرى القيام بالتربية الصحية المنشودة مهما بلغت وسائلها . هذا كما تعد المؤسسات الصحية والطبية و الإعلامية والمؤسسات الدينية أيضاً من أكبر المؤسسات المؤثرة بشكل كبير على مستوى الوعي الصحي لدى المجتمع بصفة عامة والشباب بصفة خاصة .
ومن خلال ملاحظة السلوك الصحي لدى طلاب الجامعة ، ومن خلال إجراء بعض المقابلات مع مجموعات منهم  لاحظت أن معظم الطلاب ربما لديهم ثقافة صحية ودراية ببعض المعلومات العلمية في الشأن الصحي لكن مستوى تطبيقهم لتلك المعلومات في حياتهم اليومية متفاوت .

 وفي دراسة أجريتها في العام الجامعي 2014-2015 على عينة من طلاب الجامعة أسفرت التحليلات الإحصائية عن أن هناك انخفاضاً في الوعي الصحي لدى طلاب الجامعة حيث بلغ المتوسط الحسابي للمحاور 144.59 وهي قيمة أقل من المتوسط الاعتباري للمحاور . وشمل الانخفاض محاور ثلاثة أقلها محور الصحة النفسية يليه محور الحركة وممارسة الرياضة يليه محور الصحة الشخصية  حيث  جاء المتوسط الحسابي للمحاور الثلاثة أقل من المتوسط الاعتباري لها ، هذا بينما سجل محور التغذية ارتفاعاً طفيفاً حيث كان أعلى قليلاً من المتوسط الاعتباري له .

 وبصفة عامة يمكن تفسير هذا الانخفاض في مستوى الوعي الصحي لدى طلاب الجامعة استناداً إلى القصور الملحوظ في دور مناهج التعليم في مختلف المراحل فقد أشارت الدراسات إلى قلة اهتمام المؤسسات التعليمية بالوعي الصحي وأهمية الوقاية من الأمراض وتوسيع مدارك الطلاب بالمعلومات الصحية ، كما أكدت قصور المقررات التي يدرسها الطلاب فيما يخص تنمية موضوعات ومجالات التربية الصحية لديهم . هذا بالإضافة إلى عدم وجود برامج للتربية الصحية الموجهة في المدارس وعدم وجود منهاج تربوي مستقل في سن مبكر لتدريس التربية الصحية في المدارس ويتم التعرف على المعلومات الصحية كأجزاء متناثرة في مواد مختلفة كالعلوم والأحياء ولذلك أبلغ الأثر في انخفاض الوعي الصحي لدى الطلاب في الحاضر والمستقبل .
كما يمكن تفسير ذلك الانخفاض إلى أنه ليس هناك علاقة بين المفاهيم الصحية لدى الطلاب والمفاهيم الصحية في الكتب بمعنى أن المفاهيم الصحية لدى الطلاب مأخوذة مما تعودوا عليه من أهليهم وأقرانهم ومجتمعهم بصفة عامة ، أي أن معلوماتهم الصحية تستند إلى " هذا ما ألفينا عليه آباءنا " فنحن في مجتمع لا يقرأ ولايهتم بالقراءة والاطلاع فما هو موجود بالكتب أو الرسائل أو غيرها من المصادر الموثقة عن الصحة رائع ولكن يبقى السؤال : من الذي يقرؤها ويطبق ماجاء فيها ؟ .

هذا وقد كشف تقرير صادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء عام 2010 عن أن 88% من الأسر المصرية لا تعرف سوى الكتب المدرسية و أن 4% فقط من الأسر المصرية يقرأون الكتب بانتظام ، وبرر ثلاثة أرباع العينة تقريباً عدم إقبال المجتمع على القراءة بشكل كبير بأن السبب هو انشغالهم بأولويات الحياة . ومصداقاً لقلة إقبال المجتمع على القراءة أكدت الدراسات التربوية أنه ليس هناك علاقة بين مفاهيم التربية الصحية لدى الطلاب ومفاهيم التربية الصحية المنصوص عليها في الكتب .

وعلى صعيد آخر يمكن تفسير انخفاض مستوى الوعي الصحي لدى طلاب الجامعة استناداً إلى الانفصال بين المعرفة والتطبيق بمعنى أن هناك فرق كبير بين الثقافة الصحية والوعي الصحي فالوعي مرتبط بالتطبيق أما الثقافة فتقف عند حدود المعرفة فقط ، فليس بالضرورة أن يكون الأفراد واعين صحياً وإن كانوا  مثقفين صحياً ، وعلى سبيل المثال الكثيرين لديهم المعلومات الكافية عن مضار التدخين إلا أن بعضهم مازال يحرص على التدخين فالفرد هنا مثقف لكنه غير واع صحياً .


ومن جانب آخر يمكن إرجاع انخفاض مستوى الوعي الصحي لدى طلاب الجامعة إلى عدم تركيز الإعلام على دوره في نشر الوعي الصحي وقلة البرامج الصحية وعدم مراقبة الإعلانات التجارية فهي تهدف إلى الربح فقط حتى أنه يتم السماح ببث الضار منها على الصحة العامة . وقد أكدت الدراسات أن للإعلام تأثير كبير على فكر الشباب وسلوكهم ، فوسائل الإعلام يمكنها أن تساهم في الارتقاء بالوضع الصحي من خلال البرامج التوعوية التي تبين للناس المخاطر التي تترتب على القيام بسلوكيات معينة تضر بالصحة .  

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Fox Egypt News Magazine 2014 © جميع الحقوق محفوظة © تصميم الموقع : مجدي البروفسير