أمننا القومى والإختراق الإسرائيلى لإفريقيا (5)
بقلم/هبه عبد العزيز

كنا قد تناولنا فى مقالنا السابق للمرة الرابعة على التوالى, ضمن سلسلة (أمننا القومى والأختراق الإسرائيلى لإفريقيا ) الدور التاريخى الذى لعبته الدولة الصهيونية فى التخطيط لتنفيذ وإثارة الأزمة المتعلقة ب"سد النهضة" ما بين مصر وإثيوبيا, وتوقفنا على أن نستكمل ونناقش الدور المصرى هذا الأسبوع, وما الذى قامت به القيادة  المصرية الحالية فى هذا الشأن؟ وما هو دورها القادم فى التعامل مع كافة جوانب هذه الازمة الخطيرة التى تهدد الأمن المائى المصرى, بل وتهدد حياة ووجودالمصريين.


 يقولون إن (معرفة المشكلة هى نصف الحل), ولعلنا ندرك أن الدور المصرى فى إفريقيا قد شهد فتور وتراجع كبير فى سياق تراجعه العام وتأثيره فى الدوائر "العربية والإقليمية والإفريقية" فى العقود الاخيرة. وتعتبر الدائرة الإفريقية من أخطر الدوائر الحالية،وذلك لإرتباطها بأمننا المائى, حيث منابع النيل الدائمة والغير دائمة بوسط إفريقيا. وكنا قد تحدثنا سابقا عن إهمال مصر لعلاقاتها الإفريقية عامة، ودول حوض النيل خاصة، وإثيوبيا خصوصا وذلك بعد حادثة الإغتيال التى تعرض لها الرئيس الأسبق "مبارك" عام 1995م فى أديس أبابا, وما ترتب عليها آثار سلبية فى العلاقات الثنائية بين البلدين، إلى أن تلاشى دورنا تدريجيا هناك, واقتصرت العلاقات المصرية - الإفريقية  فى مجملها على حدود "التكلفة والعائد"، بعد أن كانت مصر فى عهد الرئيس/ جمال عبد الناصر هى الداعمة لإقتصاديات دول القارة, والمساندة  لقضايا التمييز العنصرى, وحركات الكفاح الوطنى التحررية فى إفريقيا,  وقامت بإنشأت منظمة الوحدة الإفريقية عام 1963م و..........


وقد أدى تراجع الدور المصرى فيما بعد تلك الحقبة  إلى إبتعاد الدول الإفريقية  عن مصر، ومن ثم ضعف تأثيرنا على حكوماتها, وبدا ذلك جليا فى موقف دول حوض النيل الغير مساند أو داعم لنا على الإطلاق فى أزمة "سد النهضة."

وما أصعب البناء بعد الهدم!!! فالتركة فى إفريقيا لاتختلف كثيرا عن تركتنا من الفساد والتدهور التعليمى والتصحير الثقافى والإستغلال الإقتصادى و  التقييد السياسى،.......تركة ثقيلة جدا ، محملة بأعباء جسام, وتحتاج لإرادة قبل المجهودات الشديدة لجنى الثمار, إضافة إلى أننا لا نمتلك رفاهية الوقت! إلا أن مصر وبقيادتها الحالية الأن تحاول بذل كل الجهد للحفاظ على حصتها البالغة 65 مليار متر مكعب من مياه النيل, وحسنا تفعل القيادة, التى أولت إهتماما كبيرا بالقارة الإفريقية منذ توليها زمام الأمور, فقد قامت الخارجية المصرية بالعديد من التحركات لتدعيم المصالح الإفريقية: حيث قد إستضافة مصر قمة التكتلات الإفريقية الثلاث, وأيضا شاركت فى قمة التعاون بين دول جنوب إفريقيا( للشراكة وإقامة المشروعات التنموية لصالح الدول الإفريقية بخبرات مصرية), إضافة لترأس الرئيس/عبد الفتاح السيسى للجنة الرؤساء الأفارقة الخاصة بالمناخ فى قمة باريس(مما جسد الدور القيادى لمصر من جديد على الساحة الإفريقية,وطالب سيادته فى تلك القمة بتطوير مبادرة خاصة بالطاقة المتجددة فى إفريقيا),كما تم تكثيف زياراته للسودان وإثيوبيا, وذهب للبرلمان الإثيوبى وخاطب النواب الإثيوبيين عن ضرورة التعاون بين البلدين، .... ونتوقع أن تشهد الفترة المقبلة مزيد من العلاقات الثنائية،ليس بين مصر وإثيوبيا فحسب بل بين العديد من دول القارة الإفريقية، وذلك فى إطار  رغبة مصر فى الحصول على مقعد دائم فى مجلس الأمن ممثلة لإفريقيا, مما يتطلب المزيد من التخطيط والتنسيق مع حكومات تلك الدول. ومن الواضح أن الرئيس يتحرك وفقا لإستراتيجية معدة, وفى إطار أن إفريقيا أمن قومى لمصر.


وقد طمئنا الرئيس بخصوص أزمة "سد النهضة" قائلا بالنص (أعرف أنكم قلقون وأنا معكم فى هذا القلق ولكن أقول لكم الأمور تسير بشكل جيد ومطمئنة....مضيفا... صحيح أن المياة حياه أو موت...لكن ...نحن نتفهم أنهم يريدون أن يعيشوا كما نريد نحن أن نعيش....وأشار إلى أن المفاوضات تهدف الى تحقيق المصلحة المشتركة).

وعموما فمصر لديها طريقان فى التعامل مع تلك الأزمة, إما التعاون أو العداء, والأخير سيكون بالخيار العسكرى, لكن الخيار العسكرى سيبقى خيارا من ضمن الخيارات ليس إلا , وليس حلا مطروحا ابدا على الساحة الأن, حتى لا نخسر التعاطف الدولى، وقد يفسر ذلك بأنه عدوان. وفى هذا السياق فقد إختارت مصر التعاون, فالقاهرة مازالت  قادرة على إدارة اﻷزمة سياسيا, وتحاول الأن بإستخدام المفاوضات و الدبلوماسية الناعمة , أن تضع إتفاقيات تلزم جميع الأطراف.

ويجب علينا أن نقرأ جيدا "وثيقة إعلان المبادىء لسد النهضة" والتى وقعت عليها مصر مع السودان وإثيوبيا فى مارس الماضى, تلك الوثيقة التى تضمنت العديد من الحقوق : حق المحافظة على حصة مصر كاملة من مياه النيل, والعمل على عدم الإضرار بها مستقبلا, وشرط موافقة القاهرة أولا حالة الإقدام على عمل يخل بحصتها, .......وغيرها من البنود ،فالوثيقة فى مجملها تضمنت مبادىء عدم الإضرار بحقوقنا والتعاون والإتفاق بين جميع الأطراف على قواعد الملء الأول للسد والتشغيل السنوى وآليه التنفيذ قبل الشروع فى الملء.   

                    ونستكمل الأسبوع المقبل بإذن الله......



0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Fox Egypt News Magazine 2014 © جميع الحقوق محفوظة © تصميم الموقع : مجدي البروفسير