سيـــــرة و خـــواطـــــــــر
بقلم : هبه عبد العزيز

كان ذكيا لدرجة الدهاء, مناورا لدرجة الخديعة, ناعما إلى درجة الإلتواء,  مطيعا حتى الممالاه, هادئا حتى التربص, مرنا حتى التقلب, طموحا وصولا الى درجة الجشع, لماحا وصولا لإكتشاف مكان الضعف فى نفوس البشر, مصانعا حتى المكيدة,  مجاريا لمن فوقه,  متسلطا على من تحته, هكذا كان (معاوية بن أبى سفيان) كان مثالا حيا لتبرير الوسائل للوصول لغايته, كان بروفة مسبقة ل(ميكافيلى) حيث الغاية تبرر الوسيلة.

كان (معاوية) رجل لكل العصور, يمثل دهاء العقل البشرى فى اللعب على ضعف المشاعر الإنسانية,  يؤمن بالمصلحة والولاء لشخصه أهم من الولاء للمبدأ, يحصل على الولاء بكل الوسائل: الإقناع ,القتال, الأطماع, الرشوة, الخديعة,..... كان (معاوية) نموذج جديد للحاكم, كسب من أحلامه عبادة السلطة وأطماعها, وكسب من عصره إغراء الدنيا, بعد أن كان الحاكم فى زمن (عمر بن الخطاب) يبنى المواطن أولا, ليجعله أفضل مما هوعليه, أبرز مزاياه وأجل طموحه, جعل من مزاياه إضافة للمسلمين وجعل من عيوبه ضد عدوهم, أجل طموحه وغلفه بقضية أخرى يدارى بها قضيتة الحقيقية.

إجتهد (عثمان بن عفان) فأصاب وإجتهد أحيانا آخرى فأخطاء,  لم يضع ضابطا متفق عليه لتوزيع الثروة, فنالت الثروة من أهله ومست نزاهة الحكم, وكدلك لم يضع معايير لتولى الحكم فى الولايات, فتولى أقاربه الولايات الكبرى ومست من نزاهة الحكم أيضا. وصارت المساءلة  قرب وولاء قبل الكفاءة, فحينما لا تحدد المعايير تختل النزاهة, ومن الأختلال ينقسم الرأى, ومن الأنقسام تضطرب الرؤية, ومن إضطراب الرؤية تهتز الدول,  ومن الأهتزاز يولد التمرد.

كانت قضية "من قتل عثمان بن عفان"؟ غلاف لطموح (معاوية) الشخصى نحو الخلافة والأستئثار بها, فبدلا من أن يبايع الامام (على بن ابى طالب) طرح قضية من قتل (عثمان) لتعطية الشعبية المفتقدة.

فقد كان (على) يمثل الدين والضمير, الصدق والحق,المبدأ والشرعية.أما(معاوية) فمثل الدنيا والقوة, الثروة والأمر الواقع. (على) يخاطب فى الناس دينهم وضميرهم, و (معاوية) يخاطب فيهم دنياهم وجيوبهم. (على) يحثهم على نصرة الدين ويعدهم بالثواب فى الأخرة, و(معاوية) ينمى فى الناس أطماعهم و يعدهم بالثواب فى الدنيا الأن ونقدا.

وخلال نزاعه مع (على) فتق عقله للعديد من الحيل, أخضع ولاه وأسقط أخرين, لعب على أطماعهم وإقناعهم, إرهابهم وخديعتهم, أوقع بينهم و بين (على). الى أن قتل (على), فنسى (معاوية) من قتل (عثمان)  وأستتب له الملك.

أنتهى من الحصول على البيعة لأبنه فى دمشق, ورتب لها بالسيف فى مكه والمدينة.  وضع (معاوية) مبدأ "الوراثة فى الحكم" فكانت بذرة الإستبداد السياسى, وتحت شعار "وحدة الكلمة" سوف يصادر السلطان كل كلمة, وتحت شعار "حماية الإسلام" سوف يحمى السلطان نفسه  بأن يصادر عقول المسلمين ويقطع ألسنتهم,  فكانت مقولته الأشهر "أنى لا أحول بين الناس وألسنتهم, مالم يحولوا بيننا وبين سلطاننا) وكان نتيجة لإختلاط الدين بالسياسة أن المسلمين لم يعرفوا على وجه الدقة أين تبدأ وظيفة الخليفة سياسيا فيحاسبة الناس, وأين تنتهى مهمتة دينيا فيحاسبة الله!!!؟؟؟ 

أمتدت الخلافة فى عهده وأتسعت فى عهد خلفائه, فوصلت للأطلسى غربا وعبرت المتوسط شمالا و أخضعت الشرق الأسيوى شرقا, وهددت القسطنطينية شمالا.

فالمؤرخين المسلمين فى الغالب لم يتركوا لنا تاريخا, ولكنهم كتبوا لنا تقارير أساسها الحب و الكراهية, فنلعن بلا مبررات ونحب بغير أدله و شهادات.

مات معاوية ويتذكره التاريخ بشعرة معاوية (بينى وبين الناس شعرة إن هم شدوها أرختها و إن هم أرخوها شدتها).


 أتسع الفارق ما بين"رمضان" كما جاء فى الكتاب وفى سيرة رسول الله( صلى الله عليه و سلم), و "رمضان زماننا هذا" فزاد أحساسنا بالغربة عنه والإغتراب فيه,  فكلما تغيرت المفاهيم إبتعدت المسافات.

لم يفرض الله سبحانه وتعالى الفرائض فى الشهرالكريم لتعذيب البشر بها,  بل هى فرصه للمسلمين للسمو الروحانى بالعيش فى ملكوت الله, يقول الله تعالى (أفلا يتفكرون فى خلق السموات والأرض) ,والرقى الخلقى فى معاملتهم فيما بينهم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ,والسمو بمشاعرهم ليحس غنيهم بفقيرهم,  قويهم بضعيفهم, أصحائهم بمرضاهم فكما قال الرسول الكريم (بالجسد مضغة إن صلحت صلح الجسد كله, وإن فسدت فسد الجسد كله)...ألا وهى القلب.

فالصوم فرصة لتدريب النفس على تقواها وتقويم أعوجاجها, إن رمضان فرصة يهبها الله عز وجل للمؤمنين كل عام لتجديد الحياة,  لنكون إلى الله أقرب بالصلاة والقرآن, وبذكر الله آنس عمن سواه. وقد جعل الله الفرج فى الرضا و اليقين , وجعل الهم والحزن فى السخط والشك.


"الباب دائما مفتوح للدخول...فلم القرع" من أقوال السيدة رابعة العدوية.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Fox Egypt News Magazine 2014 © جميع الحقوق محفوظة © تصميم الموقع : مجدي البروفسير