بيـــــان للنـاس من الشيـــخ أحمــد التـــركي

بقلم – فضيلة الشيخ أحمد تركي

بخصوص المرأة الايزيدية التي وقعت في أسر داعش والتي قابلت سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي بناء علي طلبها .

وفي جامعة القاهرة ألقت  كلمتها باكيةً وهي تحكي المآسي التي لاقتها وقت أسرها علي يد تنظيم داعش العميل لأمريكا والصهاينة. بنكهة الدين!! ، وبالطبع غطت وسائل الإعلام العالمية الموقف كاملاً بدرجة نقلها لخطاب باراك حسين أوباما في نفس المكان عام ٢٠٠٩ وهو يقول : السلام عليكم !!


كما ركزت وسائل الإعلام علي بكاء  رئيس جامعة القاهرة د جابر نصار وبعض الحاضرين تعاطفاً معها  !! بصورة قد يفهمها البعض أن الموقف تجاوز التعاطف مع هذه المرأة- التي لا نحتاج الي تدليلٍ لإثبات موقفنا في مصر الداعم لها ضد داعش ومن وراءهم !! - إلي الإعتذار عن ممارسات الإرهاب ، في الوقت الذي يعلم القاصي والداني أن الإرهاب العميل يستهدف بلادنا وأعراضنا ومقدراتنا !! ، ولولا أسود مصر المرابطين علي حدود الحق ( جيشنا العظيم) لكانت نساؤنا سبايا لكلاب جهنم بأمر الاستخراب العالمي وليس بأمر الله كما يدعون !! لأن الله بريء منهم.

عوّدت نفسي  منذ أن قررت المضي في طريق الدعوة إلي الله بصورة خالصة لوجه الله ، أن لا أمارس السياسة وإن كنت أفهم فيها أحيانا!!

وأن أفرق بين الدور الوطني الذي يقف  الدين فيه داعماً للدولة حفاظاً علي مصالح العباد والبلاد والدين ، وبين ألاعيب الدور السياسي الذي لا ينبغي توريط الدين في براثنه وفخاخه !!

تصادف بكاء المرأة الايزيدية تضرراً من اغتصاب داعش لها باسم الله زوراً وجرماً مع انتشار بوستات علي الفيسبوك وبقية وسائل التواصل الاجتماعي مفادها  :

( أن المذاهب الأربعة في الفقه الاسلامي تُجيز للشخص إذا وجد أمه أو أخته في الأسر مع جيش العدو يحق له شراء أمه أو أخته ونكاحها بملك اليمين !! ) .


فرأيت من واجبي.   أن أعيد نشر مقال لي نشرته منذ أكثر من عام في بعض الصحف المصرية عن قضية سبي النساء.  لتتجلي الحقيقة واضحة كوضوح المحجة البيضاء التي تركنا رسول الله صلي الله عليه وسلم عليها .
كما أدعو الجميع إلي الحذر من الوقوع في براثن سياسة أعدائنا بحسن النية والإنسانيات كما صدقنا حسين أوباما وهو يقول السلام عليكم وفي اجندته تقسيم وطننا العربي والإسلامي !!

*** سبي النساء***

تابعت بكل أسي وحرقة قلبٍ علي صورة الإسلام  المشوهة في عيون العالمين ، ما يفعله خوارج العصر " داعش"  في الفترة الماضية من جرائم باسم الإسلام.

ومن أقسي ما شاهدت في جرائم داعش "سبي النساء "، فقد عرض الأستاذ / خيري رمضان في برنامج تلفزيوني فيديو لداعش يُعتقد أنه سوقٌ لبيع السبايا الاتي استرقهن  المجرمون.

فهل في الإسلام رقٌ؟؟ ، وهل أحكام الرق الموجودة في الشريعة الإسلامية سارية إلي يوم القيامة؟؟!!

الحقيقة الواضحة التي لا لبس فيها ، أن القرآن والسنة لم يرد فيهما نصٌ  يُبيح الرق!! ، بل جاء الإسلام بتكريم بني آدم ليعيشوا أسوياء أحراراً عبيداً لله وحده وليس لأي أحد من خلقه .

قال تعالي:(۞ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا )  الإسراء :٧٠

وكثيراً ما جاء لفظ ( العبد) بمشتقاته في القرآن مقروناً بأسماء الله تعالي ، قال تعالي : ( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا )  الفرقان : ٦٣

ولم يثبت أن رسول الله ( صلي الله عليه وسلم) ضرب الرق علي أسير من أساري الحرب!!

بل أطلق أرقاء مكة وأرقاء بني المصطلق وأرقاء حنين ، بل ثبت عنه أنه أعتق كل ما كان عنده من رقيق في الجاهلية ، كما أعتق ما أُهدي إليه منهم مثل( مارية القبطية )أعتقها وتزوجها.


ولقد تعامل الإسلام مع قضية الرق بواقعية وتدرج للوصول إلي تحرير كل الرقاب دون فرق بين مؤمن وكافر .

لقد وجد الإسلام جرائم الجاهلية مستحكمة بين الناس فاشتبك معها حتي يطهر المجتمع من رجزها وضررها ، منها وأد البنات ، ومعاقرة الخمور ، والرق .

بعض هذه الجرائم استطاع المسلمون أن يقضوا عليها علي الفور ، وبعضها استدعت الواقعية والمصلحة تطبيق منهج التدرج والتراخي حتي يُقضي عليها دون رجعة كإنهاء مظاهر شرب الخمر .

ونظراً للظروف العربية والبدوية كانت مشكلة الرق  تحتاج إلي مدةٍ أطول وإلي تشريعات تُعالج المشكلة بدقة وحكمة ، ليتحرر كل العبيد دون رجوع للاستعباد مرة أخري ، وهذه الأحكام ضمن الأحكام التاريخية التي ترتبط بعلة الحكم، فلاتُطبق إلا بوجود علتها ، وإذا زالت علتها بقيت  قراءة النصوص الخاصة بها تعبداً لا تطبيقاً .

ومثال ذلك : ( المكاتبة) وهي أن يكاتب العبد سيده بدفع مالٍ له في مقابل العتق، وقد كاتب سلمان الفارسي رضي الله عنه وأصبح حراً بهذا الحكم ، قال الله تعالي (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) النور: ٣٣

هذه الآية بالطبع يستحيل تطبيقها لانتفاء علة حكمها وهي وجود عبيد وإماء في عصرنا!! وتبقي ضمن الآيات التي يقرؤها الناس تعبداً دون تطبيق!!

وإذا كان الخلفاء الراشدون ثبت عنهم أنهم استرقوا بعض الأسري في الحروب ، فهذا ليس علي نصٍ من القرآن والسنة ، وإنما علي أساس القاعدة الحربية المتعارف عليها في كل العصور أثناء الحرب " المعاملة بالمثل" .

وكثيراً ما يستشهد الإرهابيون بآية سورة محمد لتبرير الذبح والقتل والسبي مع أنها خاصة بالمحاربين من المشركين في زمن رسول الله وقت الحرب بين الوثنية والإسلام ولا تنطبق علي غيرهم ،  وقد انزل في شأنهم أحكاماً  في سورة التوبة لا ينبغي عرض هذه الآية دون سياقها  الخاص  ، ورغم هذا الآية تخيير للنبي صلي الله عليه وسلم بين العفو عن الأسري أو فديتهم بمال ولم تتضمن استعباد الأسير، قال تعالي :

فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ۚ ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ ۗ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (محمد:4).


قال ابن عباس  الكفار المشركون عبدة الأوثان 

ولقد توسعت الشريعة في وجوب تحرير العبيد وخاصة بتشريع كفارات اليمين والظهار وقتل الخطأ ، فكل الأحكام الشرعية الخاصة بالرق أحكام لتحريرهم واستنقاذهم وليس لاستعبادهم وذلهم ، كما شرعت وطئ الجارية بعقد ملك اليمين لأنها ان ولدت باتت حرة ، قال عتعالي  وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (  ٦ سورة المؤمنون .

وجعلت الشريعة الإسلامية عتق الرقبة من أعظم الأعمال الصالحة ، قال تعالي : ( فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) سورة البلد٠

كما جعل عتق الرقاب من مصارف الزكاة ، فقال تعالي : (۞ إِنَّمَا الصَّدَقٰتُ لِلفُقَراءِ وَالمَسٰكينِ وَالعٰمِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَفِى الرِّقابِ وَالغٰرِمينَ وَفى سَبيلِ اللَّهِ وَابنِ السَّبيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَليمٌ حَكيمٌ) التوبة :   ٦٠

أُ طالب بحذف أبواب أحكام الرق من المناهج التعليمية لعدم حاجتنا إليها حتي لا يظن الشباب بسريانها في كل العصور ، وتبقي نصوص القرآن والسنة الخاصة بها تعبدية ، نتعبد بقراءتها دون تطبيق لأن استرقاق الناس  جريمة ذمها القرآن عندما قص قصة فرعون ، ( وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ( 49 ) سورة البقرة .

ومن فعل ذلك يُطبق عليه حد الحرابة المذكور في سورة المائدة قال تعالي: ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)      أية :   : ٣٣

كما أُطالب اخوتي العلماء الذين تورطوا في ابداء أراءٍ عبر وسائل الإعلام المرئية تفيد بسريان أحكام الرق في الحروب في عصرنا بتقوي الله والرجوع إلي الحق  ، لأن الرق لم يعد موجوداً ، وبالتالي تنتفي قاعدة المعاملة بالمثل اثناء الحرب التي كان يطبقها الخلفاء ، ولنا أن نعتز بشريعتنا الإسلامية التي ساهمت بتحرير الرقاب وجعل الناس احراراً ، ولا استعباد بعد ذلك!!


أما ما يفعله خوارج العصر الأن في سوريا والعراق فهو رجوع إلي الجاهلية وليس إلي الإسلام !!




0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Fox Egypt News Magazine 2014 © جميع الحقوق محفوظة © تصميم الموقع : مجدي البروفسير